هدي الرسول في الدعوة والنصيحة (1-2)

لقد بعث الله تعالى محمدًا ﷺ هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، ومبلغًا دعوة الله إلى الناس وسراجًا منيرًا، وآمرًا بالخير وحاثًا عليه، ومحذرًا من الشر، شغلته الدعوة إلى توحيد الله وعبوديته، وملأت عليه حياته، حيث أمره ربه بذلك، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ . قُمْ فَأَنذِرْ . وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ . وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}(1).

وقال سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}(2).

وقال عز وجل: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}(3).

وقال سبحانه: {قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}(4).

ولقد قام عليه الصلاة والسلام بهذه الدعوة خير قيام منذ كلفه الله سبحانه وتعالى، قام ﷺ بهذه الدعوة على أسس متينة، ودعائم قوية، من أهمها:

1- العلم بما يدعو إليه، مطبقًا قوله تعالى: {قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}(5).

2- وهذه البصيرة التي أشار إليها الله سبحانه وتعالى تعني: العلم بما يدعو إليه، والعلم بالأساليب التي يدعو بها ويستخدمها في مجال دعوته، والعلم بأهداف دعوته، وهكذا، بكل ما تحمله كلمة (البصيرة) من معنى، وهذا ينفي أن يدعو الإنسان إلى أمر يجهله أو يستعمل أساليب لا يعرف حكمها، أو وسائل لا يفقه معانيها.

3- العمل بما يدعو إليه؛ لأن مقتضى كونه ﷺ قدوة وأسوة أن يطبق ما يقول وما يدعو إليه، وهكذا يجب أن يكون كل داعية ندب نفسه لهذه الدعوة وأدرك قضيتها وأراد اغتنام هذه الفضيلة، قال تعالى مبينًا أهمية هذا الأمر الجلل: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ}(6).

وقال تعالى:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}(7).

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ . كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}(8).

ومما ينظر في أمر الدعوة – ونحن في سيرة الرسول ﷺ- البدء في أمر الدعوة بالأهم فالمهم، فالداعي ينظر أولًا الأكثر أهمية، ويدعو إليه وينشغل به، ثم ينتقل إلى ما هو دونه، ومن بداهة القول: أن أول ما يدعو إليه الداعي هو توحيد الله تعالى؛ لأنه رأس الأعمال، ولا يقبل أي عمل -مهما عظم- إلا بعد توحيد الله تعالى توحيدًا سليمًا خاليًا من شوائب الشرك؛ لأن التوحيد هو الأمر الذي خلق الناس من أجله ومن أجل تحقيقه في حياتهم، وأرسل الرسل ببيانه والدعوة إليه وتجلية أمره، وأنزلت الكتب لتوضيحه وشرحه وبيان حقيقته، ويتبع ذلك ويلازمه ويسبق عليه النهي عن الشرك، وهكذا يتدرج الداعي في طريق دعوته بالأهم ثم المهم، وهذا يعد من الفقه الذي يغيب عن كثير من الناس.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [المدثر: 1 – 4]

(2) [فصلت: 33]

(3) [النحل: 36]

(4) [يوسف: 108]

(5) [يوسف: 108]

(6) [هود: 88]

(7) [فصلت: 33]

(8) [الصف: 2 – 3]



بحث عن بحث