أهمية دراسة السيرة (1-2)

لقد جُبِلَ الإنسان – بحكم خلقه وطبعه – أن يتخذ من سير العظماء والقادة قدوةً ونبراسًا يتخذه مثلًا يُحتذى ومثالًا يُقتدى.

والمسلم هو الذي يدين بدين الإسلام الذي أنزله الله تعالى على نبيه ﷺ وكلفه بتبليغه، لا ترنو نفسه إلا إلى سيرة سيد المرسلين، والحجة على الخلق أجمعين، والوقوف على هذه السيرة (سيرة النبي ﷺ) التي لا ينضب معينها، ولا يجف مدادها، ملتقى الأخلاق الفاضلة، ومثال الإنسانية الكاملة، فلا يوجد في سير العظماء الأماجد ما يوجد في سيرة سيد الأنبياء، فلا شرف يذكر، ولا كمال ينعت إلا لمحمد ﷺ منه النصيب الأوفى والمحل الأسمى.. من ذا يستطيع أن يأتي بحديث منه يروي غليل السامعين، ويطفئ لوعة المحبين؟! ولا غرابة في ذلك وقد أثنى عليه الخلاق العليم: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ}(1)، فسبحانه من إله أعطى ثم أثنى {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ . وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ}(2)، لقد استدرج القرآن بين جنبيه حتى صار خُلُقُه القرآن، صلاة الله وسلامه على محمد وعلى آل محمد وعلى أصحاب محمد.

لقد آتاه الله من نعمه، وأفاض عليه من رحمته، ما جعله أهلًا لحمل رسالته، واصطفاه ليكون خاتم أنبيائه {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ}(3).

لقد كانت الآيات والمعجزات والحجج والدلائل تعيش معه حياته، منذ استقبله المهد، حتى دثره اللحد، عليه الصلاة والسلام.

هذا عامل مهم في السيرة، والاطلاع عليها يتلخص في عظمة شخصية الرسول ﷺ، وما بلغ من المنزلة العظمى، لكي يتخذ أسوة وقدوة عليه الصلاة والسلام.

وعامل آخر لا يقل أهمية عمَّا سبق، وهو: أن سيرة الرسول ﷺ هي التطبيق العملي لكتاب الله تعالى، الذي أنزله الله سبحانه وتعالى عليه، فهو الصورة الحية والقرآن الذي يمشي على الأرض، يراه الناس فيرون القرآن حيًّا غضًّا طريًا.

سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله ﷺ فقالت: «كان خلقه القرآن«(4).

فهو الصورة المثلى لتطبيق تعاليم القرآن، وتنفيذ أوامر القرآن، والسير على توجيهات القرآن، والوقوف عند حدود القرآن، والكف عن زواجر القرآن، فهو قرآن يمشي ويسير، يتحرك ويجيء، يغدو ويروح، عليه الصلاة والسلام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [القلم: 4]

(2) [القلم: 3 – 4]

(3) [الضحى: 5]

(4) أخرجه مسلم، رقم(746)



بحث عن بحث