قراءة القرآن (1-5)

الحمد لله الذي علَّم القرآن، وشرع به الأَحكام، وأرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدِّين كله، ولو كره المشركون، وأنزل عليه: ﴿كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّـهِ﴾ [الزمر: 23].

والصلاة والسلام على من أيَّده الله بالقرآن، وأناط به تبيين أحكامه وتفصيل شرائعه، وعلى آله وأصحابه الذين حملوا إلينا القرآن، وعلى من اتبعهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، أما بعد:

ففي الدرس السابق كان الحديث عن فضل ذكر الله وارتباط المسلم به في كل أحواله.

وفي الوقفات الآتية نتحدث عن أفضل الذكر: كتاب الله تعالى الذي أنزله الله جل وعلا في شهر رمضان المبارك:

 

الوقفة الأولى:

لم تعهد البشرية في تاريخها كتابًا كان له من التعظيم والعناية والخدمة مثل ما كان للقرآن منذ نزوله إلى يومنا هذا، حفظًا وفهمًا وتدبرًا، وتنافسًا في تفسيره وشرح آياته، وبيان فضائله، واستنباط معانيه ووجوه إعجازه، إلى غير ذلك مما يتعلق بالقرآن الكريم، فهو كلية الشريعة وعمدة الملة، كتاب فتحت به أمصار، وجثت عنده الرُّكب، ونهل من منهله العلماء، وشرب من مشربه الأدباء، وذلّت له القلوب، وقام بتلاوته العابدون الراكعون الساجدون، فإن خير الناس من تعلم القرآن وعلَّمه، كما بيَّن ذلك رسول الله ، فقد أخرج البخاري وغيره أن رسول الله قال: «خيركم من تعلَّم القرآن وعلمه»(1).

فكما أن فضل القرآن فاضَ فعمَّ الشهر الذي أنزل فيه فصار أفضل الشهور، والليلة التي أنزل فيها فصارت أفضل الليالي، فقد عمَّ فضله أيضًا على الناس فصار خيرهم من تعلّم القرآن وعلَّمه.

 

الوقفة الثانية:

لقد نعت الله القرآن بأوصاف عدة، حريٌّ بالمسلم أن يقف عندها متأملًا عظمة هذا الكتاب العظيم، ومتدبرًا ما فيه من الآيات والذكر الحكيم، يقول جل وعلا: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ﴾ [الفرقان: 185]، ويقول تعالى: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ۚ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّـهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ*يَهْدِي بِهِ اللَّـهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ﴾ [المائدة: 15 – 16]، ويقول جل ذكره واصفًا القرآن: ﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ﴾ [ص: 67]، إلى غير ذلك من الآيات المبينة عظمة القرآن، فهو هدى للناس، ونور مبين، وموعظة وشفاء ورحمة وفرقان ونبأ عظيم، إلى آخر ذلك من النعوت العظيمة والأوصاف الجليلة التي ينبغي أن يقف أمامها المسلم متدبرًا ومتأملًا، متزودًا ومتأدبًا.

________

(1) رواه البخاري (9/74)، برقم(5027) في فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه، وأبوداود (1452) في الصلاة، باب ثواب قراءة القرآن، والترمذي (2907) في ثواب القرآن، باب ما جاء في تعليم القرآن. 



بحث عن بحث