أداب الذكر (1-3)

الحمد لله الذي أعد للذاكرين والذاكرات مغفرة وأجرًا عظيمًا، أحمده سبحانه وأشكره على نعمه وآلائه شكرًا جزيلًا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا، أما بعد:

ففي الوقفات الآتية سنعرض عملًا من الأَعمال الفاضلة في كل زمان ومكان، ويتأكّد فضله في هذا الشهر المبارك، ذلكم هو ذكر الله جل وعلا بالقول والعمل.

 

الوقفة الأولى:

ذكر الله سبحانه قد ورد الحث عليه في كتاب الله الكريم في آيات كثيرة وبصيغ متعددة، وبأساليب متنوعة في السنة النبوية القولية والعملية، بالأمر به والحث عليه، وبيان ما أعد الله للذاكرين، وتارة بالنهي عن المشاغل التي تلهي عنه وغير ذلك.

ولنتأمل في قوله تعالى آمرًا المؤمنين بذكره: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴿٤١﴾ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴿٤٢﴾ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: 41 – 43]، ويقول سبحانه: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ [الأعراف: 56]، ويقول جل من قائل: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّـهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة: 10]، وفي آيات أخرى يثني على أهل الذكر ويبين جزاءهم وما أعده لهم من الثواب العظيم، فيقول سبحانه: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّـهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35]، كما توعد سبحانه اللاهين عن ذكره بالخسارة والهلاك، يقول سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [المنافقون: 9].

 

الوقفة الثانية:

بيَّن سبحانه وتعالى أن سر الطاعات وروحها: ذكر الله؛ حيث جعله مصاحبًا لجميع الأعمال، فقد قرنه بالصلاة فقال سبحانه: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14]، وقال تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ﴾ [النساء: 103]، وقال سبحانه عن صلاة الجمعة: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّـهِ وَاذْكُرُوا اللَّـهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة: 10]، وقال النبي في شأن الحج: «إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله»(1)، وجعله سبحانه وتعالى مصاحبًا للمقاتل عند ملاقاة عدوه، يقول جل وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّـهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الأنفال: 45].

_______

(2) رواه أبوداود (1/207)، برقم(3116) في الجنائز، باب في التلقين، والحاكم (1/351). 



بحث عن بحث