الوقفة الأولى

في حقيقة الأنبياء والرسل

من سنة الله تعالى في عباده، أنه أرسل إليهم الرسل والأنبياء لهدايتهم وأنزل معهم كتبًا فيها ما يصلح شؤونهم الدنيوية والأخروية، ويحذرهم من عاقبة مخالفة أحكام هذه الكتب من خيبة في الدنيا وخسران في الآخرة، ويمكن التعرف على رسل الله تعالى وأنبيائه من خلال المحاور التالية:

أ أنهم جميعًا رسل لهداية للناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور،  يقول تبارك وتعالى: (فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم)، ويقول جل وعلا: (رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل).

"فالرسل عليهم الصلاة والسلام هم هداة الخلق، وهم أئمة الهدى، ودعاة الثقلين جميعًا إلى طاعة الله وعبادته، فالله سبحانه أكرمَ العبادَ بهم، ورحمهم بإرسالهم إليهم، وأوضح على أيديهم الطريق السوي، والصراط المستقيم، حتى يكون الناس على بيِّنة من أمرهم".

ب-  توحدت دعوات الرسل جميعها وتمحورت حول توحيد الله تعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت).

ج-  لا يمكن حصر الرسل والأنبياء ومواطن بعثهم وإرسالهم، وذكر أسمائهم وأقوامهم، لأن الله تعالى لم يترك أمة أو قرية أو جماعة منذ أن خلق آدم عليه السلام إلا وبعث فيهم رسلاً وأنبياءً، يقول تبارك وتعالى: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير).

إلا أن الذين ذكرت أسماؤهم في القرآن هم خمس وعشرون نبيًا ورسولاً، في مواضع مختلفة، كما في قوله تعالى: (وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين)، وقوله: (ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد)، وغيرها من الآيات.

وكان خاتمهم محمدًا صلى الله عليه وسلم، يقول تبارك وتعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليمًا).

د الإيمان بهم ركن من أركان الإيمان، وعدم الإيمان بهم أو بما جاؤوا به كفر مخرج للملة، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل عليه السلام عن الإيمان فقال: "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره".

هـ- لقد فضل الله تعالى الرسل بعضهم على بعض، وذلك من خلال ما تميّز به بعضهم عن الآخرين بمزايا وفضائل معينة، مثل تميّز إبراهيم عليه السلام بالخلة، وتميّز موسى عليه السلام بالكلام، وعيسى عليه السلام بالتكلم في المهد وشفاء الناس على يديه، وتميّز محمد صلى الله عليه وسلم بالإسراء والمعراج وأنه رحمة للعالمين وأن خاتم النبيين ورسالته خاتمة الرسالات، وغير ذلك، يقول الله تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ)، ويقول جل شأنه: (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً).

ومن هنا: فإن الجرأة على رسول من رسل الله تعالى بالسخرية أو التنقص جرأة عليهم جميعًا، فإنهم مرسلون من عند الله تعالى؛ بل هو جرأة على الله تعالى. فيحذر من هذا الفعل الشنيع، والجرأة القبيحة، وعليه فيجب أن يعظّم رسل الله تعالى أجمعين، كما ورد في الآيات والنصوص السابقة.



بحث عن بحث