وقت يوم عرفة والوقوف فيها (5)

 

 

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

إذا دفع قبل الغروب فقد تعمد المخالفة فيلزمه الدم بالمخالفة ورجوعه بعد أن لزمه الدم بالمخالفة لا يؤثر شيئا أما إذا كان جاهلاً ودفع قبل الغروب ثم قيل له: إن هذا لا يجوز فقال: أستغفر الله وأتوب إليه ثم رجع ولو بعد الغروب فإنه ليس عليه دم ولو قيل بهذا القول لكان له وجه وهو أقرب إلى القواعد([1]).

 

 

المسألة الثانية:

من وقف بعرفة نهارًا ودفع قبل الغروب وعاد بعد الغروب قبل الفجر: فيه قولان:

القول الأول: لا شيء عليه ويسقط عنه الدم، وهو رواية للحنفية وقول مالك والشافعي ورواية للحنابلة([2])، وهو اختيار الشيخ ابن باز رحمه الله.

 

حجتهم: أنه استدرك ما فاته وأتى بما عليه ولأن الواجب عليه الإفاضة بعد غروب الشمس وقد أتى به فيسقط عنه الدم كمن جاوز الميقات حلالا ثم عاد إلى الميقات وأحرم([3]).

 

القول الثاني: لا يسقط عنه الدم وهو رواية عن الحنفية وأبي ثور ورواية للشافعية وللحنابلة([4]).

 

 

وحجتهم:

أ‌-     لأن النسك الوارد الجمع بين آخر النهار وأول الليل وقد فوته([5]).

ب‌-                       لا يسقط الدم لأن الواجب على من وصل إلى عرفات بعد الزوال استدامة الوقوف إلى غروب الشمس ولم يتدارك ذلك بالانصراف بعد الشمس فلا يسقط عنه الدم([6]).

 

والذي يظهر أن القول الأول أرجح فلا دم عليه؛ لوجود حقيقة الوقوف في الليل والنهار، والله أعلم.

 

 

المسألة الثالثة: حكم من وقف ليلاً:

أجمع العلماء على أن الوقوف بعرفة ليلاً مجزئ ولو لحظة في بعض جوانبها([7])، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج"([8]).

 

قال ابن عبد البر: وقد أجمع المسلمون أن الوقوف بعرفة ليلا مجزئ عن الوقوف بالنهار إلا أن فاعل ذلك عنده إذا لم يكن مراهقًا ولم يكن له عذر فهو مسيء، ومن أهل العلم من رأى عليه دم ومنهم من لم ير عليه شيئا([9]).

 

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: إن كان وقوفه في الليل أجزأه بلا فدية([10]). وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين.

 

وأؤكد على أن الحاج ينبغي له اقتفاء السنة والعمل بها ولا يلجأ لمثل ذلك إلا في حالات عدم الاستطاعة أو وجود الموانع لذلك؛ كالعاملين في الحج أو لم يستطع الوصول إلا في هذا الوقت ونحو ذلك.


([1]) ينظر الشرح الممتع (7/324).

([2]) ينظر المبسوط (4/56)، والمدونة الكبرى (2/413)، والمجموع (8/96)، ومغني المحتاج (1/498)، وشرح العمدة (3/606).

([3]) ينظر المبسوط (4/56)، وحاشية ابن عابدين(3/508)، والمجموع 8/112.، ومغني المحتاج (1/498) ، وشرح العمدة (3/606)، الإنصاف(4/31).

([4]) ينظر مغني المحتاج (1/498).

([5]) ينظر المبسوط (4/59).

([6]) ينظر المبسوط (4/59).

([7]) ينظر الوسيط (2/1253)، والتمهيد (9/275)، والمجموع (8/103)، وشرح العمدة (3/2578)، والمبدع (3/235)، والمغني (3/211).

([8]) تقدم تخريجه.

([9]) التمهيد (9/275).

([10]) فتاوى ابن باز (7/195).



بحث عن بحث