وقت يوم عرفة والوقوف فيها (1)

 

 

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: وقت يوم عرفة من الشهر:

   يوم عرفة هو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة بإجماع أهل العلم من السلف والخلف.([1])

 

ولكن يتفرع عن هذا مسائل

أولاها: ما الحكم لو وقفوا في اليوم العاشر ظنا منهم أنه التاسع ثم تبين أنه العاشر؟

 

 

في المسألة قولان:

القول الأول: يجزئ الوقوف ليلة الحادي عشر إذا أخطأ أهل الموقف بأن لم يروا الهلال لعذر من غيم ونحوه، فأتموا عدة ذي القعدة ثلاثين يوما، ووقفوا في اليوم العاشر في اعتقادهم انه التاسع؛ فإنه يجزئهم وقوفهم سواء بان لهم ذلك في العاشر أو بعده، ولا قضاء عليهم، إذ لو كلفوا به لم يأمنوا وقوع مثل ذلك فيه، ولأن فيه مشقة عامة، فيكون حالهم كحال من لم يخطئ، ذهب إلى ذلك جمهور العلماء([2]). بدليل ما رواه عبد الله بن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يوم عرفة اليوم الذي يعرف الناس فيه)([3])

 

القول الثاني: يرى شيخ الإسلام أنهم لو أخطأوا في العدد أو في الطريق، لم يجزئهم، وإن أخطأوا الغلط في الرؤية والاجتهاد مع الإغمام أجزأهم وهو ظاهر كلام الإمام أحمد([4]).

 

أقول: وهذا تفصيل جيد.

 

والمسألة الثانية: ما الحكم لو وقفوا في اليوم الثامن؟

 

في المسألة قولان:

الأول: إن وقفوا في اليوم الثامن أجزأهم ولم يجب عليهم القضاء، وهذا القول رواية للشافعية والحنابلة([5]).

الثاني: إن وقفوا في اليوم الثامن لا يجزئهم لأن التدارك ممكن حتى وإن علموا بذلك يوم النحر فلا يصح الحج ذهب إليه الحنفية والمالكية وهو الصحيح عند الشافعية([6]).

 

المسألة الثالثة: متى يقف من رأى الهلال وردت شهادته؟

 

 

في هذه المسألة ثلاثة أقوال:

الأول: لو رآه طائفة قليلة لم ينفردوا بالوقوف بل الوقوف مع الجمهور، والوقوف مرتين بدعة ولم يفعله السلف، ولو وقفوا على رؤيته لم يجزئ وقوفهم وعليهم أن يعيدوا الوقوف مع الإمام وإن لم يعيدوا فقد فاتهم الحج وعليهم قضاء الحج من قابل وهذا قول الجمهور([7]).

الثاني: يلزمهم الوقوف في اليوم التاسع عندهم، والناس يقفون بعده، فلو اقتصروا على الوقوف مع الناس في اليوم الذي بعده لم يصح وقوف الشهود لأنهم يعتقدون هذا اليوم الذي يقف الناس فيه العاشر فلم يجزئ وقوفهم فيه قول الشافعي([8]).

 

الثالث: يقف مرتين لاسيما من رآه قول للحنابلة([9]).

 

ولعل القول الأول هو الأقرب إذ الحج يوم يحج الناس، والصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس، والاجتماع مقصد شرعي.


([1]) ينظر حاشية ابن عابدين(3/459)،الفواكه الدواني(2/273)،منهج الطلاب المطبوع مع حاشية البجرمي(2/128)،الفروع(3/108).

([2]) ينظر حاشية ابن عابدين(2/618)،مواهب الجليل(2/129)،التاج والإكليل(3/195)،المجموع(8/221)،الإنصاف(4/66)،كشاف القناع(2/525).

([3]) رواه الدار قطني (2/223)كتاب الحج

([4]) الفروع(3/393)، الإنصاف(4/66).

([5]) انظر المجموع(8/221)،الإنصاف(4/66).

([6]) انظر حاشية ابن عابدين(2/618)،البحر الرائق(3/79)،التاج والإكليل(3/95)،المجموع(8/222).

([7]) انظر حاشية ابن عابدين(2/618)،البحر الرائق(3/79)،المجموع(8/221)،الفروع(3/393)،الإنصاف(4/66).

([8]) انظر المجموع (8/221).

([9]) الفروع (3/393).



بحث عن بحث