الحلقة (99) القاعدة الثامنة: السنّة والتطبيق العملي (3-3)

تحدثنا في الحلقة السابقة عن القضايا التي تعين على فقه سلامة التطبيق ونستكمل الحديث  في هذه الحلقة عن أهم النقاط في هذه القضية.

جـ - أحاديث الفتن، وهي أحاديث كثيرة، كثير منها صحيح والأكثر غير صحيح.

ومن الفقه في النظر فيها وفقه تطبيقها إدراك كيفية التعامل معها، وأنها لا يمكن تطبيقها على واقع معين ليتزل عليه إلا إذا جاء نص أو نصوص صحيحة صريحة، لا تحيد عما ذكر من الوقائع، وهذا ليس بالأمر اليسير فيتطلب مجامع وليس فردًا يتراءى له أن هذه الأحاديث يراد بها واقع معين، وقد أدركنا في هذا الزمن تخبط كثيرين أوقعوا أحاديث من هذا النوع على أحداث معينة فتبين خلافها.

ولذا فدور طالب السنة هنا:

* إدراك الغاية من أحاديث الفتن ومن ذلك أنها جاءت للتحذير.

* وعدم التسرع في تطبيقها على واقع معين.

وقد ذكر الله سبحانه في القرآن الكريم أن من آيات محكمات ومن آيات متشابهات في قوله تعالى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} (1) 

وبيَّن سبحانه الموقف من الآيات المحكمة والآيات المتشابهة يقول تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}(1) وإذا كان هذا في القرآن الكريم، فالسنة كذلك فيها أحاديث محكمة، وفيها أحاديث متشابهة.

فأمَّا الأحاديث المحكمة فواضحة لكل طالب علم، بل منها ما هو واضع لكل مسلم يرنو للحق والعمل به، كالأحكام المتعلقة بالصلاة في شروطها وأركانها وأوقاتها وكذلك الصيام وغيرها.

ومنها: ما هو متشابه مثل الأحاديث التي ظاهرها التعارض والأحاديث المشكلة في ذاتها، أو المترددة بين الصحة والضعف.

فعلى طالب السنة إدراك كيفية التعامل مع هذا الصنف من الأحاديث من خلال المنهج الذي ذكره أهل العلم في مشكل الحديث وهو باب واسع من أبواب المصطلح بل ألف فيه مؤلفات خاصة.

هـ - ومما يندرج في ذلك الأحاديث التي تحدثت عن الأمور الغيبية كأمور اليوم الآخر، أو أحاديث آخر الزمان ونحوها، فعلى طالب السنة إدراك منهج أهل السنة في ذلك وأسباب الزيغ والانحراف الذي وقعت فيه بعض الطوائف لما جاءوا عن هذا المنهج فضلوا وأضلوا، وقد سبق معنا بيان شيء من هذا المنهج عند الحديث عن قاعدة: السنة والعقل.

هذه نماذج مما يدخل في منطلقات الفهم، وسلامة العمل والتطبيق التي يجب أن تكون حاضرة في ذهن طالب السنة ومدركًا لأهميتها، والمنهجية التي يتعامل بها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [آل عمران:7]



بحث عن بحث