الحلقة (104)آثار العمل بالقواعد المنهجية في فهم السنة(2-2)

نستكمل ما تحدثنا عنه في الحلقة السابقة من آثار العمل بالقواعد المنهجية في فهم السنة.

4- ومن أعظم الآثار أن يتحقق لمتبع هذه المنهجية تعظيم نصوص الكتاب والسنة، وقوة الهيبة لها كما كان من حال صحابة رسول الله ﷺ عندما يُذكر أمر فيه مخالفة مهما كان المخالف.

وبهذا يتحقق العمل بالانقياد والتسليم الوارد بقوله سبحانه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}(1)، وقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}(2).

ولا شكَّ أن العمل بالمنهجية المذكور يقود إلى تعظيم النصوص المؤدية إلى عمق هذا الاستسلام والانقياد.

أما تلك المناهج التي ترفض هذا الاستسلام كليًّا أو جزئيًّا فتلجأ إلى تحكيم عقل أو عرف مجرد، وتعارض بها النصوص فتقع في الانحراف كما وقعت كثير من الطوائف الضالّة.

5- فهم الدين فهمًا صحيحًا إذ إن منهجية الفهم منضبطة بضوابط دقيقة، ومنطلقة من هذه القواعد بخلاف تلك المناهج التي تحكم الأعراف أو العقول البشرية، أو تلغي السنة إلغاءً كليًّا أو جزئيًّا، أو لا تحكم ضوابط دقيقة فيسوقها ذلك إلى غلو في الفهم أو انحراف وتساهل. وهنا مربط الفرس كما يقال فالقواعد المنهجية تحدد مسارات الفهم الصحيح الذي يقود إلى العمل الصحيح وهو المراد.

6- الوصول إلى علاج المشكلات العلاج الصحيح، لأن الفهم إذا كان مرتكزًا على قواعد صحيحة وسليمة استطاع الناظر فيها أن يحدد العلاج لكل مشكلة والحل لكل نازلة، واستخراج الحكم الصحيح لها، بخلاف ما لو ضعفت هذه القواعد، أو لم يعمل بها أو أهمل بعضها ستتفاقم المشكلات وستزيد وتتفرع. ومن ثمَّ مخالفة حكم الله سبحانه بإكمال هذا الدين.

7- توحيد الصف، وجمع كلمة المسلمين لأنه لا يمكن للأمة أن تتوحد إلاعلى المنهاج الصحيح المستقى من الكتاب والسنة، وقد تظافرت الأدلة على ذلك كما في قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}(3)وقوله عليه الصلاة والسلام:«تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي»(4)

أما إذا حادت عن هذه المنهجية وتفرقت فكل حزب بما لديهم فرحون، وهذا من أعظم الآفات، وأخطر المهلكات عند ما تنحرف الأمة عن المنهاج الصحيح.

8 – ونختم بالأجر العظيم والثواب الجزيل التيهي الغاية العظمى التي ينشدها المسلم في هذه الحياة، لأنه لا  تتحقق الطاعة لله تعالى ولرسوله ﷺ إلا وفق منهجية صحيحة يتعبد العبد بها ربه عز وجل. يقول سبحانه: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}(5)

¡¡¡

تلك إشارات للآثار أردت بها مزيدًا من الاطمئنان لمواصلة طالب السنة في فهمها والعمل بها لكي يصل إلى الغاية المنشودة رضى الله سبحانه وتعالى، وتحقق موعوده في الدنيا والآخرة. حقق الله تعالى جميعًا ذلك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


1- [الأحزاب: 36]

2- [النساء: 65].

3- [آل عمران: 103].

4- (منزلة السنة[13]).

5- [آل عمران: 132].



بحث عن بحث