الحلقة (78): القاعدة السادسة: السنة النبوية والعرف(3-4)

-اعتبار العرف في الأحكام الشرعية:

يمكن معرفة اعتبار العرف من خلال ما يلي:

1-مراعاة الشريعة الإسلامية للأعرف والعادات في كثير من أحوالها وبخاصة وقت التشريع مثل إقرار السَّلم، وكان ذلك سائدًا في مجتمع المدينة، وكذلك اشتباه العرايا من بيع التمر بالتمر وغيرها كثير، فاستقر التشريع بذلك وصار الاعتماد لا على العرف بعد ذلك بل على الدليل.

2-مراعاة العرف في تقريركثير من الأحكام التي لا يوجد لها نص محدد يقول الشاطبي: (القواعد الجارية ضرورية الاعتبار شرعًا، كانت شرعية في أصلها أو غير شرعية، أي سواء كانت مقررة بالدليل الشرعي أمرًا أو نهيًا، أو إذنًا أم لا، أما المقررة بالدليل الشرعي فأمرها ظاهر، وأما أمرها فلا يستقيم إقامة التكليف إلا بذلك، فالعادة جرت بأن الزجر سبب الانكفاف عن المخالفة كقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}(1)، فلو لم تعتبر العادة شرعًا لم يتحتم القصاص ولم يشرع، إذ كيف يكون شرعًا لغير فائدة، وذلك مردود بقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} وكذلك البذر سبب لإنبات الزرع، والنكاح سبب للنسل، والتجارة سبب لنماء المال كقوله تعالى: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}(2)إلى أن قال: وما أشبه ذلك مما يدل على وقوع المسببات عند أسبابها دائمًا، فلو لم تكن المسببات مقصودة للشارع في مشروعية الأسباب لكان خلافًا للدليل القاطع فكان ما أدى إليه باطلًا) ثم استرسل رحمه الله واستطرد في تقرير هذه المسألة.

3-استنبط العلماء من اعتبار العرف عدة قواعد أصولية وفقهيةهي مرجع الكثير من المسائل الفرعية، ومن ذلك:

- العادة محكمة.

- المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا.

- العبرة للغالب الشائع لا للنادر الشاذ.

- الممتنع عادة كالممتنع حقيقة.

وغيرها من القواعد على اختلاف بين المذاهب في تقرير كل قاعدة أو  إطرادها مما محله كتب الأصول.

وعليه فالعرف معتبر شرعًا في الأحكام الشرعية بشروط، وهي بإيجاز:

1- ألا يتعارض العرف مع الدليل الشرعي، أو يتعارض مع قاعدة شرعية ثابتة، أو فيه تعطيل لنص شرعي.

2- أن يكون العرف غالبًا، لا أن يكون نادرًا أو قليلًا.

3- أن يكون العرف حاليًا عند صدور الفعل لا متأخرًا عنه.

4- ألا يكون هناك عرف مقابل للعرف المراد.

ولهذه الشروط تفصيلات وتطبيقات في مظانها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [البقرة: 179]

(2) [البقرة: 187]



بحث عن بحث