الحلقة (48): معرفة أسباب ورود الحديث (2-2)

 

من المعلوم أن دلالة النصوص الشريعة ليست محصورة في القضايا التي كانت سببًا لمجيئها، وإنما هي علاج لتلك القضايا ولما قد يستجد على شاكلتها، فنصوص التشريع الإسلامي خالدة وعامة لكل البشر في كل زمان ومكان، فلا تحصر دلالة النصوص فيما جاءت بسببه وإنما تظل دلالة النص ممتدة في

كل القضايا التي تنطبق عليها، سواء ما كان منها سببًا للورود أو غيرها، فوظيفة أسباب الورود وظيفة كشف وإبانة وتجلية لمعنى النص، وليست أداة تخصيص للنص عن عمومه وشموله وتناوله لكل ما يستجد من القضايا التي تندرج تحت ذلك العموم.

ولذلك فإن القول بحصر دلالة النص في سبب وروده يعتبر وأدًا للنصوص ومحاصرة لها عن أن تكون تشريعًا خالدًا لكل زمان ومكان، وقصرها على وقائع ذلك المجتمع الذي جاءت فيه لا يمتد سلطانها التشريعي إلى بقية الأزمان، وهذا ما يتنافى مع طبيعة شريعة الإسلام الخاتمة الملزمة والصالحة لكل الناس في كل زمان ومكان، ولهذا فقد تنبه علماؤنا إلى هذا الأمر وأرسوا قاعدة: «العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب».

ومن هنا تبرز دلالة: معرفة أسباب ورود الحديث إذا كان له سبب فالسبب يفسر المراد أو يوجهه، ويعين على فهمه، ويحل مشكله.



بحث عن بحث