الحلقة (40): التوثق من صحة الحديث المستشهد به وسلامته (3-3)

ومما يجب معرفته معرفة مناهج الأئمة ومصطلحاتهم في التصحيح والتضعيف وبيان ذلك:

أـ معرفة مناهج الأئمة في التصحيح والتضعيف، ومعرفة اصطلاحاتهم وألفاظهم، فاصطلاحات الجيل الأول في نشأة الكلام عن الرجال والأحاديث أكثر مرونة وسعة منها عند استقرار الاصطلاح وهذا علم دقيق مهم وقع في مخالفته كثير من طلاب العلم بالحديث.

ب ـ هناك ألفاظ ومصطلحات استعملها الأئمة في الحكم على بعض الأحاديث ومن ذلك: (مقبول) و(جيد) و(يحتج به) ونحوها وهي في الجملة تدور بين الحسن لغيره، والصحيح لغيره، أو يذكرها الإمام للتردد فيها.

ولذلك تدخل دائرة المقبول من الأحاديث التي يحتج بها ويستشهد بها.

ج ـ وهنا مسألة في غاية الأهمية والدقة ـ ولذا جعلتها قاعدة ـ وهي: أنه قد يكون الإسناد ظاهره الصحة لكن فيه علة تقدح فيه، بل قد يكون المتن ظاهره الصحة، ولكن فيه علة تقدح فيه، وهذا قد يندرج في القاعدة السابقة إلا أني هنا جعلته مدخلًا لمسألة أدق، وهي قد يصح الحديثولكن يلزم التأكد من صحته للاستدلال على المسألة المذكورة، وهذه مسألة دقيقة ـ كما سبق ـ لأنه قد:

1ـ لا يصح الحديث باختلال أحد شروط الصحيح.

2ـ أو يكون من الأحاديث التي ترك العمل بها، وقد عالج الإمام ابن رجب: هذه المسألة وحصر جملة من الأحاديث ترك العمل بها مع أن ظاهرها الصحة في كتابه القيم (شرح علل الحديث للترمذي).

3 ـ لا يكون مطابقًا للمسألة إذ له روايات أخرى تحمل تقييدًا، أو  نسخًا، أو تخصيصًا، أو شرطًا، أو زيادة تقدح فيه.

4   ـ يكون مما يحتاج إلى تأمل في المتن لما يعارض من قطعيات القرآن الكريم أو السنة النبوية،    وهذهمسألة عالجها الإمام ابن القيم: في كتابه القيم: (المنار المنيف في معرفة الحديث الصحيح من الضعيف) وضمنها قواعد منهجية لطالب الحديث.

هذه الفرضيات ـونحوهاـ يلزم معرفتها الأخذ به للمستشهد بالحديث قبل القطع بالأخذ به. وإغفالها أوقع كثيرين من طلبة العلم المبتدئين في شواذ المسائل، وعدم وضوح الحكم فيها على الحديث.

والخلاصة: أن طالب العلم يلزمه إدراك قواعد التصحيح والتضعيف حتى لا ينسب إلى النبي ﷺ ما لم تصح نسبته إليه. فيقع في المحذور الشديد الذي نبه عليه النبي ﷺ: «من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار»(1)، وفي رواية: «من قال عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار»(2).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) (السلسلة الضعيفة[2030]

(2) (مسند أحمد[9/193])



بحث عن بحث