الحلقة (33): معرفة قواعد الجرح والتعديل (1-3)

ولتوضيح هذه القاعدة نفصلها كما يلي:

علم الجرح والتعديل: هو العلم الذي يعرف أحوال الرواة ثقة وضعفًا، وعدالةً وجرحًا، فيقبل حديثه أو يرد.

فالجرح يشمل الجرح في عدالة الراوي، وفي ضبطه وحفظه، كما أن العدالة تشمل السلامة من أسباب الفسق، وخوارم المروءة. ولهذا العلم أهمية كبرى إذ به تتم المحافظة على السنة من الانتحال والتزييف، والزيادة والنقص، تحقيقًا لقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}(1). وبه يعرف المقبول من المردود من الرواة، ومنزلته من أعلى مراتب الصحة إلى أدنى مراتب الضعف فهو العمود الفقري لعلم مصطلح الحديث.

وفضله يستمد من فضل علم الحديث، قال وكيع رحمه الله: سمعت سفيان الثوري يقول: «ما من شيء أخوف عندي من الحديث، ولا شيء أفضل منه لمن أراد به ما عند الله تعالى». ومما يلزم معرفته في هذا عدة مسائل، منها:

ـ معرفة الجرح والتعديل، ومن هو الجارح والمعدل؟ وما شروطهما؟..إلخ.

  وقد بين علماء المصطلح هذه المسائل الدقيقة وخلاصتها: أن الجارح والمعدل هو من انتصب لحفظ السنة، وللحكم على الرواة.

  وهو من كان عالـمًا تقيًا متحريًا، عارفًا بأسباب الجرح والتعديل وباصطلاحات أهل العلم.

ـ وتكون معرفة حال الراوي إما بالاستفاضة والشهرة، وهؤلاء مثل: الأئمة الكبار، كمالك وشعبة، والسفيانين، وعبد الله بن المبارك، وأحمد بن حنبل ومن كان مثلهم في الإمامة وعلو المنزلة.

ومما جاء في أقوالهم: سئل الإمام أحمد بن حنبل عن إسحاق بن راهويه ـ رحمهما الله تعالى ـ فقال: مثل إسحاق يسأل عنه؟! إسحاق عندنا إمام من المسلمين.

وإما بالتنصيص، وهو أن ينص واحد من علماء الجرح والتعديل على عدالة الراوي أو جرحه، وهذا ما امتلأت به كتب معرفة الرجال جرحًا وتعديلًا.

ـ وكذلك مراتب الجرح ومراتب التعديل، وقد استقر الاصطلاح على أن للتعديل ست مراتب، وللجرح ست مراتب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [الحجر:9]




بحث عن بحث