تابع بشائر التوراة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم

 

زعم بعض الأحبار أن هذه البشارة ليست لمحمد صلى الله عليه وسلم والرد عليه:

ولكن بعض الأحبار يقولون : إن هذه البشارة بيوشع بن نون ، والبعض الآخر يقولون : إنه لم يأت بعد النبي المبشر به في النص ، والنصارى يقولون : إن هذه البشارة بعيسى عليه السلام .

والجميع ليسوا على صواب لأن النص يذكر أن النبي الآتي آخر الزمان ليس من بني إسرائيل ، بل من إخوتهم ، ومعلوم أن يوشع وعيسى من بني إسرائيل ، فدل ذلك على أنهما ليسا هما المقصودين .

ويؤكد ذلك أيضا أن اليهود في زمن عيسى عليه السلام كانوا ينتظرون هذا النبي المشار إليه في هذه البشارة .

يقول الستاذ غبراهيم خليل أحمد :" فسر اليهود هذا النص بمجيء رسول منهم لا من ولد إسماعيل ، وكأن الله تعالى جعل هذه العبارة مجملة وألهمهم هذا التفسير حفظا لهذه البشارة ، لأنهم لو عرفوا أن الرسول المبشر به سيكون من ولد إسماعيل لأخفوها ، وقد أثبتت الأيام أن الرسول المبشر به هو محمد صلى الله عليه وسلم "(1)

ثم إن النص يذكر أن النبي الآتي مثل موسى عليه السلام ، ومعلوم أن يوشع ليس مثل موسى عليه السلام ، لأن موسى صاحب شريعة ، ويوشع تابع لشريعة موسى ، وهذا لا ينطبق على عيسى عليه السلام ، لأنه لم يات بشريعة جديدة ، وإنما كان تابعا ومكملا لشريعة موسى عليهما السلام ، وقد صرح بذلك في قوله :" لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس "(2)

وعلى زعم النصارى أن عيسى عليه السلام إله ــ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ــ فهو إذن ليس مثل موسى ، لأن موسى عبد الله ورسوله ، ثم إن التوراة تؤكد أنه لا يقوم مثل موسى في بني إسرائيل .

فقد جاء في سفر التثنية ، الإصحاح الرابع والثلاثين:" ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجها لوجه "

ثم إنه ورد في النص لفظ " يقيم "في المستقبل ، ويوشع كان حاضرا مع موسى نبيا في ذلك الوقت .

وعلى زعم النصارى أن عيسى قتل وصلب ، فهذه البشارة لا تنطبق عليه ، لأن النص يذكر أن النبي الصادق لا يقتل ، بل يحفظه الله ، ولكن الله برأه مما قالوه فلم يقتل ولم يصلب(3)

تلك بعض بشارات التوراة بنبينا محمد صلى اللله عليه وسلم ، ولله در من قال :

طوبي لموسى حين بشر باسمه        ولسامع من قوله ما قيلا

وجبال فاران الرواسي إنها        نالت على الدنيا به التفضيلا

من مثل موسى قد أقيم لأهله       من بين إخوتهم سواه رسولا

تا الله ما كان المراد به فتى        موسى ولا عيسى ولا شمويلا

إذ لن يقوم لهم نبي مثله           منهم ولو كان النبي مثيلا

من غير أحمد جاء يحمد ربه       حمدا جديدا بالمزيد كفيلا

فالأرض من تحميد أحمد أصبحت     وبنوره عرضا تضيء وطو


(1) محمد في التوراة والإنجيل والقرآن ص 39

(2) إنجيل متى : الإصحاح الخامس

(3) إظهار الحق ص 250



بحث عن بحث