بشارات الكتب السماوية السابقة به صلى الله عليه ( 9 )

 

سبب الإشكال:

لقد كان الأمر محلّ اتفاق في الماضي لكن مع تقلّص المسافات بين الأمم، وظهور الطباعة، وبروز كتابات إسلامية عن النصرانية بلغة أهل التثليث، ظهر المراء بالباطل عند الحديث عن" فاران"!

لكن الطبعات القديمة للتوراة تؤكد أن فاران بمكة:

فقد نقل فديارتي في كتابه" محمد في الأسفار العالمية "ص 70- 71 (الطبعة الأمريكية) عن الترجمة العربية للتوراة السامرية التي صدرت في سنة 1851، أنّ اسماعيل" سكن بريّة فاران وتزوج امرأة من أرض مصر"- وقد حذف التعليق الوارد بين قوسين في الترجمة السامرية، في الطبعات التالية بعد أن اعتمده المسلمون لتوضيح البشارة!!!

نقل فديارتي ص 71 من كتابه السابق عن موسوعة الكتاب المقدس ، ما أوردته عن اثنين من أشهر رموز الكنيسة في القرنين الرابع والخامس: جيروم وأزوبيوس من" أنّ فاران بلد عند بلاد العرب على مسيرة ثلاثة أيام إلى الشرق من إيله".

قال الإمام ابن القيم في كتابه" إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان": " وهم يعلمون أنّ جبل سيعير هو جبل السراة الذي يسكنه بنو العيص الذين آمنوا بعيسى ويعلمون أنّ في هذا الجبل كان مقام المسيح ويعلمون أنّ سيناء هو جبل الطور.

وأما جبال فاران فهم يحملونها على جبال الشام وهذا من بهتهم وتحريف التأويل، فإنّ جبال فاران هي جبال مكّة وفاران اسم من أسماء مكة وقد دلّ على هذا نص التوراة: أنّ إسماعيل لّما فارق أباه سكن بريّة فاران وهي جبال مكة ولفظ التوراة أنّ إسماعيل أقام في برية فاران وأنكحته أمه امرأة من أرض مصر. "

ويعتبر هذا النص من أوضح النصوص المبشرة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، حيث ذكر المكان الذي أنزل الله عليه فيه القرآن الكريم ، وهو فاران التي هي مكة عند جميع أهل العلم .

قال الإمام الماوردي :" وفاران هي جبال في مكة في قول الجميع "(1).

ورحم الله الإمام الشهرستاني إذ يقول ملاحظا الترتيب في إيراد هذه الأماكن في البشارة:" ولما كانت الأسرار الإلهية، والأنوار الربانية في الوحي، التنزيل، والمناجاة، والتأويل؛ على مراتب ثلاث: مبدأ، ووسط، وكمال؛ والمجيء أشبه بالمبدأ، والظهور أشبه بالوسط، والإعلان أشبه بالكمال؛ عبرت التوراة عن طلوع صبح الشريعة والتنزيل: بالمجيء من طور سينا، وعن طلوع الشمس: بالظهور على ساعير، وعن البلوغ إلى درجة الكمال بالاستواء والإعلان على فاران، وفي هذه الكلمات: إثبات نبوة المسيح عليه السلام، والمصطفى محمد صلى الله عليه وسلم"(2).


(1)أعلام النبوة ص 129 .

(2)الملل والنحل 213 .



بحث عن بحث