آثار قيم الإسلام الخلقية في حياة الصحابة رضي الله عنهم (9-11).

 

 

ومن صور الإحسان والبذل والإنفاق من حياة الصحابة رضي الله عنهم :

أرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي عبيدة بأربعة آلاف, أو بأربع مائة دينار , وقال للرسول : انظر ما يصنع بها , قال : فقسمها أبو عبيدة ثم أرسل إلى معاذ بمثلها, قال: فقسمها, إلا شيئاً قالت له امرأته نحتاج إليه, فلما أخبر الرسول عمر قال : الحمد لله الذي جعل في الإسلام من يصنع هذا(1) .

- عن الزهري (2) قال : تصدق عبد الرحمن بن عوف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشطر ماله(3)

-  عن الحسن البصري أن طلحة بن عبيد الله باع أرضا له بسبع مائة ألف فبات أرقا من مخافة ذلك المال , حتى أصبح ففرقه(4).

- بعث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه إلى عائشة رضي الله عنها بمائة ألف فقسمتها حتى لم تترك منها شيئا , فقالت بريرة(5) - جاريتها – : أنت صائمة فهلا ابتعت لنا بدرهم لحما فقالت لو أني ذكرت لفعلت(6).

- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله, أصابني الجهد. فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا رجل يضيفه الليلة يرحمه الله ؟ فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله. فذهب إلى أهله فقال لامرأته: ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدخريه شيئا. فقالت: والله ما عندي إلا قوت الصبية. قال: فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم, وتعالي فأطفئي السراج ونطوي بطوننا الليلة. ففعلت. ثم غدا الرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:" لقد عجب الله عز وجل- أو ضحك– من فلان وفلانة. فأنزل الله عز وجل (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) [ الحشر:9] (7).

مواقف وآثار يتجلى فيها الحرص على البذل , والجود بما في اليد , والإيثار على النفس مع شدة الفاقة والحاجة

هذا ومن أبلغ صور البذل,البذل في سبيل الله لإعلاء كلمته ونصرة دينه وإعزاز رسوله صلى الله عليه وسلم.

   ومن صورها :

- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندي, فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما فجئت بنصف مالي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك ؟ فقلت: مثله, قال: وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك ؟ قال : أبقيت لهم الله ورسوله. قلت: لا أسابقك أبدا(8)"

فهذا الصديق رضي الله عنه أنفق جميع ماله , وهذا عمر رضي الله عنه جاء بنصفه استجابة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم .

- عن عبد الرحمن بن سمرة(9)قال : " جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار حين جهز جيش العسرة فنثرها في حجره. قال : فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها في حجره ويقول: ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين(10)".

 


 

(1) - الذهبي – سير أعلام النبلاء (1 / 17 – 18)0

(2) محمد بن مسلم بن شهاب القرشي الزهري , أبو بكر الفقيه الحافظ , متفق على جلالته وإتقانه , مات سنة 125 ه وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين . سير أعلام النبلاء( 5/326 )0 تقريب التهذيب ص160 .

(3) - ابن حجر – الإصابة (2 /408 )0

(4) - الذهبي – سير أعلام النبلاء (1 /32 )0

(5)  بريرة مولاة عائشة , صحابية مشهورة , كانت تخدم عائشة ثم إن عائشة اشترتها وأعتقتها , عاشت إلى خلافة يزيد بن معاوية . الإصابة          ( 4/245). تقريب التهذيب ص 342 .

(6)  الحاكم – المستدرك (4 /13 )0

(7) متفق عليه . ابن جرير – فتح الباري( 8 /631 )0 النووي شرح صحيح مسلم (4  /747 -  749 )0

(8) رواه أبو داود والترمذي , ويبق تخريجه .

(9) عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب العبشمي , صحابي من مسلمة الفتح افتتح سجستان , ثم سكن البصرة ومات بها سنة 50 ه أو بعدها . سير أعلام النبلاء( 2/571 )0 الإصابة( 2/393)0

(10) رواه الترمذي وأحمد . المبارك فوري – تحفة الأحوذي (10 /193 )0

 



بحث عن بحث