تاريخ الحديث الموضوعي (2)

 

السنة في عهد الخلفاء الراشدين:

رغم كثرة الفتوحات واختلاط المسلمين بغيرهم وبداية ظهور الخلاف والفرقة الإسلامية إلا أن الحديث النبوي ظل سالماً من التحريف والتغيير ودخول الوضع فيه لما تميز به هذا العهد من ميزات أهمها:

1- جمع القرآن الكريم, بداية في عهد أبي بكر رضي الله عنه وانتهاء بعهد عثمان ابن عفان رضي الله عنه حيث جمع الناس على مصحف واحد.

 2- تثبت الصحابة في رواية الحديث وحرصهم على التقليل من روايته ومنعهم الرواة من التحديث بما يعلو على فهم العامة, حتى لا يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يدخل في السنة ما ليس منها.

السنة بعد زمن الخلافة حتى عصر التدوين:

في هذا العصر بدأ الخلاف يدب أطرافه في العالم الإسلامي وبدأت الفرقة بالظهور وبدأت تستشرف وتقوى وكان من سمات بعض تلك المذاهب والفرق وضع الحديث بما يؤيد مذاهبها.

لكن كان في مقابل هؤلاء جهابذة العلماء الذين تصدوا لمحاولة الوضع والدس في الحديث النبوي الشريف فلم يكن يقبل من طريق أرباب هذه النحل وبدأ التثبت في الحديث وطلب الإسناد.

ومما برز أيضاً أن عهد الصحابة رضي الله عنهم بدأ ينقص بوفاتهم أو استشهادهم في المعارك وكان من نتيجة ذلك بداية الرحلة في طلب العلم وبداية تدوين الحديث, وكان أول من أمر بتدوين الحديث من الخلفاء عمر بن العزيز رضي الله عنه حيث كتب إلى أبي بكر بن حزم : أن (انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء) (1).

وكان أول المستجيبين لهذه الدعوة الإمام محمد بن شهاب الزهري : المتوفى سنة: ( 125هـ ).

السنة في عصر التدوين:

في هذا الوقت أي في المائة الثانية للهجرة أقبل العلماء على كتابة السنن وتدوينها وشاع ذلك في الطبقة التي تلي طبقة الزهري, فكتب ابن جريج بمكة ت (150) هـ وابن إسحاق (151) هـ والإمام مالك (179) هـ بالمدينة والربيع بن صبيح (160) هـ وابن أبي عروبة (156) هـ بالبصرة والإمام سفيان الثوري (161) هـ بالكوفة والإمام محمد بن عمرو (156) هـ بالشام والإمام معمر بن راشد (153) هـ باليمن وغيرهم.

وقد كان هؤلاء جميعاً في عصر واحد ولا يدري أيهم أسبق إلى جمع الحديث.

ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم على النهج على منوالهم(2) .

وقد أخذ التصنيف في هذا العصر منهجين هما:

·      التصنيف على المسانيد والمراد به جمع حديث كل صحابي على حده دون النظر إلى موضوع الحديث, مثل مسند الإمام أحمد بن حنبل ومسند الإمام أبي الحميدي.

·      التصنيف على الأبواب والمراد به جمع حديث كل موضوع على حده دون النظر إلى راويه من الصحابة مثل: (الصحاح, السنن, المصنفات, والجوامع, الموطآت).

وكان من سمات هذا العصر ما يلي:

1- جمع الأحاديث النبوية المسندة إلى النبيصلى الله عليه وسلم.

2- ذكر بعض أقوال الصحابة والتابعين ويظهر هذا في المصنفات والمسانيد بكثرة بينما تقل في الصحاح.

3- الاعتناء بذكر الإسناد من المصنف إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

4- الاعتناء بالمقبول (وهو الصحيح و الحسن) وذكر شيء من الضعيف, إلا من اشتراط الصحة كالصحيحين.

5- عدم النص على الحكم على الحديث في الغالب, وإن كان بعضهم نص كالترمذي : أو يسن منهجاً عاماً كأبي داود السجستاني : وكانوا يذكرون الإسناد ويكتفون بذلك.

6- عدم الاعتناء بالتعليق على هذه الأحاديث فهم يكتفون بذكر العنوان كأحمد في مسنده فلم يضمنه أي تعليق, وإنما أورد أحاديث مسندة وكذا البخاري الذي اكتفى بذكر عناوين التراجم واستنبط منها فقه الحديث.

7- عدم اختلاط الحديث بغيره من كلام الناس حتى لو كان إماماً في الحديث.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


 


(1) البخاري 1/194 رقم 100

(2) الحديث والمحدثون ص 244

 

 



بحث عن بحث