مقدمة

 

المقدمه :

الحمد لله حمدًا طيبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، وأتباعه إلى يوم الدين، أما بعد:

فهذا باب جديد في الدعوة إلى الله تعالى معتمدًا فيه على الكتاب والسنة، وجاريًا على التقعيد العلمي، ونبدؤه بالمقدمة:

فمما لا شك فيه أن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم  القدوة والأسوة في الأمور كلها:   (لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ) [الأحزاب: 21] وقال سبحانه عن نبيه صلى الله عليه وسلم : (وإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) [القلم : 4].

وقد بعثه الله سبحانه وتعالى بشيرًا ونذيرًا، وهاديًا إليه بإذنه وسراجًا منيرًا، ومبلغًا عن ربه سبحانه، فبلغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فكان على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

فكانت مهمته عليه الصلاة والسلام البلاغ عن ربه ليقوم الناس بعبادته قال تعالى: ) إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ( [الشورى: 48]، وقال سبحانه: ) يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنذِرْ ([المدثر: 1-2]، وقال: ) وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ( [الشعراء: 214]،  (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) [الأنبياء: 107]، وهكذا تتوالى الآيات في إيضاح المهمة والهدف.

وبهذا رسم رسول الله صلى الله عليه وسلم  لأمته المنهاج العظيم في الدعوة ليقتفوا أثره، ويسلكوا خطاه، وينتهجوا نهجه.

فاجتهد الصحابة ن في ذلك، ومن بعدهم من التابعين وتابعيهم حتى ألّفوا في ذلك مؤلفات مستقلة وكتبوا كتابات مستفيضة بالإضافة إلى خبراتهم وتجاربهم، فجزاهم الله خيرًا على ما قدموا وسطروا للإسلام والمسلمين.

ومن المعلوم أن الدعوة الإسلامية مستمرة استمرار الزمن، ولها مستجداتها وقضاياها المتنوعة، ونوازلها المتكررة، مما يوجب على أهل العلم والدعوة أن يجتهدوا في البيان والتوضيح.

ولقد استقرأت كثيرًا من المناهج والأعمال الدعوية، فوجدت فيها خيرًا كثيرًا يشكرون عليه، ويدعى لهم بالتوفيق والتسديد، والأجر والثواب، كما وجدت بعض مواضع  الاجتهاد – قولًا وعملًا – ما يستوجب إبداء الرأي والنصح والبيان، وبخاصة في هذا الوقت الذي نشطت فيه الدعوة كما نشط مخالفوها.

ولقد رأيت أن من أهم ما يجب بيانه هو جمع ما تناثر من المسائل وتسطيرها على شكل قواعد لتكوّن منطلقات يستوعبها الداعية وطالب العلم، فتكون ضابطًا لكثير من التصرفات، فجمعت ما تيسر، وحاولت جمع المتماثل أو المتقارب ليجتمع في قاعدة، فكان ما ظهر من هذه القواعد، وهو (بلا شك اجتهاد) أرجو أن يكون راجحة أكثر من مرجوحة، وهو قابل للرأي والزيادة والنقصان، ويبقى أنه اجتهاد بذل الجهد فيه بين التأمل والمراجعة والمناقشة مع البحث العلمي، كما اجتهدت في محاولة التأصيل الشرعي لهذه القواعد مع مراعاة عدم التطويل والإسهاب مكتفيًا بما يوضح المراد، وبالله التوفيق ومن يستمد التسديد.

وسنتحدث في الحلقة الثانية عن هدف هذه القواعد ومنهجيتها، نسأل الله تعالى أن ينفع به الكاتب والقارئ وأن يوفق الجميع للاستنارة بتعاليم كتابه وللاهتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله تعالى، وهو ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.


 



بحث عن بحث