بسم الله الرحمن الرحيم

الأولاد بين النعمة والفتنة (2-7)

الوجه الثاني: الولد الصالح حسنة لوالديه، فإن الأعمال الصالحة التي يقوم بها الولد مما علّمه أبواه، وربّياه عليه يجري ثوابها له ولهما أيضاً، وقد فقه الفاروق عمر رضي الله عنه هذا المعنى، فكان يقول: ما آتي النساء لشهوة، ولولا الولد ما آتي النساء (1). وقال أيضاً: إني لأكره نفسي على الجماع كي تخرج مني نَسمةٌ تسبِّح الله تعالى (2).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال سليمان عليه الصلاة والسلام: لأطوفن الليلة على سبعين (3) امرأة، كل امرأة تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله تعلى، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله. فلم يقل، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأيم الله الذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله تعالى لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون)(4)

فقوله (تحمل كل امرأة فارساً يجاهد في سبيل الله) هذا قاله على سبيل التمني للخير، وإنما جزم به لأنه غلبه الرجاء لكونه قصد به الخير وأمر الآخرة لا لغرض الدنيا، ومعنى قوله (فلم يقل) أي بلسانه، لا أنه أبى أن يفوض إلى الله بل كان ذلك ثابتاً في قلبه لكنه اكتفى بذلك أولاً ونسي أن يجريه على لسانه لمّا قيل له لشيء عرض له وليمضي فيه القدر (5).

 

الهوامش:

 (1) أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب العيال ح390-2/571.

 (2) أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب العيال ح392-2/573.

 (3) اختلفت الروايات في عدد النسوة فقيل ستون، وتسعون، وتسع وتسعون، ومائة، والجمع بينها أن الستين كن حرائر وما زاد عليهن كن سراري أو بالعكس، وأما السبعون فللمبالغة، وأما التسعون والمائة فكن دون المائة وفوق التسعين ؛ فمن قال تسعون ألغى الكسر، ومن قال مائة جبره. انظر فتح الباري 6/460.

 (4) أخرجه البخاري ك أحاديث الأنبياء باب قول الله تعالى (ووهبنا لداود سليمان نعم العبد...) ح3424-6/458 مع فتح الباري وح2819 وح6639 وح6672، ومسلم ك الأيمان باب الاستثناء في اليمين 1/121 مع شرح النووي وغيرهما.

 (5) انظر شرح النووي 6/461.



بحث عن بحث