النبي صلى الله عليه وسلم مع أصهاره(3-6)

 

 


 مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه(2-2)

 

درج علي رضي الله عنه في بيت النبي صلى الله عليه وسلم وتربّى بين عينيه، وبلغ من حبه صلى الله عليه وسلم لعلي أن زوّجه أحبّ بناته إليه فاطمة رضي الله عنها، وأعانه على مهرها ومؤونة زفافها إليه.

وقد كان عليه الصلاة والسلام يزورهما ويتفقّد حالهما حرصاً منه صلى الله عليه وسلم على صفو حياتهما، ودفع كل ما قد يُعكِّرها، ولهذا لمّا أراد بنو هاشم أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، غضب النبي صلى الله عليه وسلم لابنته، وإليكم القصة:

عن الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ « إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُونِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِىَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَلاَ آذَنُ لَهُمْ ثُمَّ لاَ آذَنُ لَهُمْ ثُمَّ لاَ آذَنُ لَهُمْ إِلاَّ أَنْ يُحِبَّ ابْنُ أَبِى طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ فَإِنَّمَا ابْنَتِى بَضْعَةٌ مِنِّى يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا (1)». وفي رواية عند مسلم « إِنَّ فَاطِمَةَ مِنِّى وَإِنِّى أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِى دِينِهَا ».

قَالَ ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِى عَبْدِ شَمْسٍ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِى مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ فَأَحْسَنَ قَالَ « حَدَّثَنِى فَصَدَقَنِي وَوَعَدَنِي فَأَوْفَى لِي وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلاَلاً وَلاَ أُحِلُّ حَرَامًا وَلَكِنْ وَاللَّهِ لاَ تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ مَكَانًا وَاحِدًا أَبَدًا (2)».

وقد ذكر العلماء في بيان سبب منعه صلى الله عليه وسلم علياً من التزوج على فاطمة رضي الله عنها أموراً هي:

- قوله (وإني أتخوف أن تفتن في دينها) يعني أنها لا تصبر على الغيرة فيقع منها في حق زوجها في حال الغضب ما لا يليق بحالها في الدين، وفيه أن الغيراء إذا خشي عليها أن تفتن في دينها كان لوليها أن يسعى في إزالة ذلك بشرط أن لا يكون عندها من تتسلى به ويخفف عنها.

- في رواية (يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا) وهذا ناتج عن عطف الأبوة فيؤذي الوالد ما يؤذي ولده أشدّ مما لو قد أذاه مباشرة، ويؤخذ من هذا الحديث أن فاطمة لو رضيت بذلك لم يمنع علي من التزويج بها أو بغيرها

- جواب من استشكل اختصاص فاطمة بذلك مع أن الغيرة على النبي صلى الله عليه وسلم  أقرب إلى خشية الافتتان في الدين ومع ذلك فكان صلى الله عليه وسلم يستكثر من الزوجات وتوجد منهن الغيرة كما في هذه الأحاديث ومع ذلك ما راعي ذلك صلى الله عليه وسلم في حقهن كما راعاه في حق فاطمة، ومحصل الجواب أن فاطمة كانت إذ ذاك فاقدةً مَن تَرْكَنُ إليه مَن يُؤنسها ويزيل وَحْشتَها من أمٍّ أو أخت بخلاف أمهات المؤمنين فإنَّ كل واحدة منهن كانت ترجع إلى من يحصل لها معه ذلك وزيادة عليه، وهو زوجهن صلى الله عليه وسلم لما كان عنده من الملاطفة وتطييب القلوب وجبر الخواطر بحيث أن كل واحدة منهن ترضى منه لحسن خلقه وجميل خلقه بجميع ما يصدر منه بحيث لو وجد ما يخشى وجوده من الغيرة لزال عن قرب.(3)

 وقد راعى علي رضي الله عنه خاطر النبي صلى الله عليه وسلم وزوجه فلم يتزوج على فاطمة رضي الله عنها حياتها إلى أن ماتت رضي الله عنها.


(1) اخرجه البخاري باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة ح4932-5/2004، ومسلم باب فضائل فاطمة بنت نبي الله ح6460-7/140.

(2) أخرجه مسلم في الموضع السابق ح6462-7/141 .

(3) فتح الباري 9/329 باختصار وتصرف.

 



بحث عن بحث