النبي صلى الله عليه وسلم بين نسائه ( مواقف وعبر ) ( 5-6)

 

روى النسائي في عشرة النساء عن عائشة – رضي الله عنها-  قالت : ((زارتنا سودة يوماً ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبينها ، إحدى رجليه في حجري والأخرى في حجرها فعملت لها حريرة، أو قال : خزيرة، فقلت : كلي ، فأبت ، فقلت : لتأكلي أو لألطخن وجهك . فأبت ، فأخذت من القصعة شيئاً فلطخت به وجهها ، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجله من حجرها ، لتستقيد مني، فأخذت من القصعة شيئاً فلطخت به وجهي ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك )) (1) .

الخزيرة : لحم يقطع صغاراً ويصب عليه ماء كثير ، فإذا نضج ذُرَّ عليه الدقيق، وقيل هي حساء من دقيق ودسم ، وإذا كان من دقيق فهي حريرة .

 

فوائد الحديث (2) :

-     تقبل النبي صلى الله عليه وسلم لتلك الدعابات بما يولج حبه في القلوب ، ويؤنس أزواجه الكريمات .

-  كمال خلقه صلى الله عليه وسلم، وسعة صدره، وإعطاء كل ذي حق حقه، فلم ينشغل صلى الله عليه وسلم بتكاليف الدعوة إلى الله عزوجل والجهاد عن مراعاة حق زوجاته، والمزاح معهن، وإدخال السرور عليهن .

-     جواز المزاح ببعض أنواع الطعام إن لم يكن فاحشاً، ومهدراً لنعمة الله عزوجل .

-     جواز المزاح أمام الإمام، أو صاحب المكانة العالية، إن كنا نعلم أن هذا لا يضايقه.

-  في الحديث درس عملي لكل زوجتين اجتمعن تحت رجل واحد أن يكن متحببات إلى بعضهن، وأن لا يدعن الغيرة تفسد عليهن حياتهن .

-     يجوز المزاح باليد إن كان خفيفاً، ولا يقلل من الهيبة والوقار، أو يلحق الضرر بأحد.

عن عائشة قالت: (( ما علمتُ حتى دخلت عليّ زينب بغير إذن وهي غضبى، ثم قالت: يا رسول الله، أحسبك إذا قلبت لك بنية أبي بكر ذريعتيها – أي ساعديها – ثم أقبلت علي، فأعرضت عنها حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : دونك فانتصري . فأقبلت عليها حتى رأيتها وقد يبس ريقها في فيها ما تَرُدُّ عليّ شيئاً، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتهلل وجهه )) (3) .

 

 


(1) - رواه النسائي، وأبو يعلى، وإسناده حسن . وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح خلا محمد بن علقمة، وحديثه حسن

(2) - مواقف مزح فيها النبي صلى الله عليه وسلم ص (81-82) .

(3) - رواه البخاري في الأدب المفرد ، والنسائي في عشرة النساء ، وأورده الألباني في الصحيحة ح ( 1862) ، وقال : وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم وكذا قال البوصيري في زوائده .

 

 



بحث عن بحث