الحيـــــــاء

اسم الله الحيي الستير سبحانه جل جلاله (21-32)

 

الأثر الثامن/ إن الله تبارك وتعالى أمر بالستر وكره المفاخرة بالمعصية:

أو مجرد نشرها بين المؤمنين قال سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (النور:19)، فإن الذين يحبون نشر الفاحشة في أهل الإيمان حتى تنشر بينهم فإنهم موعودون بالعذاب الأليم في الدنيا؛ كالأمراض وفي الآخرة بالنار.

وعليه فإن أولى الستر ستر المرء لعيوب نفسه التي سترها الله عليه فلا يفضح العبد نفسه بل يجعل معصيته بينه وبين ربه، فإنه إن ستر نفسه واستحيا من ربه جُزي بالمغفرة، ففي الحديث "إن الله يدني المؤمن، فيضع عليه كنفه ويستره، فيقول: أتعرف ذنب كذا: أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب، حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه هلك، قال: سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته(1)

فأول من ينبغي أن يستر عليه نفسك التي بين جنبيك فلا تهتك سترها وتفضحها ؛ لذا رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعز بن مالك لما أتاه معترفاً على نفسه بالزنا وقال له: ويحك ارجع فاستغفر الله ورده أربع مرات ,فلما أصرَّ قال لعل به جنوناً, فذكر قومه أنه من أعقلهم, ثم قال لعله شرب خمراً. فاستنكهوه فلم يجدوا شيئاً.

 وهذا يدل على أن الأصل في المسلم ألا يتحدث بذنوبه ولا يهتك ستر الله إلا عند وجود الحاجة من الاستفتاء, فماعز رضي الله عنه جاء لولي الأمر يريد الاستفتاء والتطهر ومع ذلك رده عليه السلام؛ ولذا قام رسول الله بعد هذه الحادثة فقال: (أيها الناس من ابتلى بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله). وقد جاء في حديث النجوى السابق الذكر كيف أن الله يدني المؤمن ويضع كنفه ويسأله بينه وبينه ويقرره بذنوبه ثم يقول الله له: سترتها عليك في الدنيا واليوم أغفرها لك) فإذا أراد العبد أن يسأل أحد العلماء عن ذنب اقترفه فليقل له شخص ابتلي بفعل كذا وكذا فبماذا تنصحه ؟ ولا يقول عن نفسه: أنا أفعل كذا أو كذا؛ لأن الله يقول (سترتها عليك في الدنيا) فمن حدَّث الناس بما فعل من ذنوبه فهذا لم يستتر بستر الله.

فإن قال قائل: أوليس الصحابة كانوا يتحدثون بما فعلوا في الجاهلية ؟

يتبع الإجابة في الحلقة القادمة


(1) رواه البخاري برقم ( 2441 ) .

 



بحث عن بحث