الحيـــــــاء

اسم الله الحيي الستير سبحانه جل جلاله (7- 32)

 

تابع الآثار الإيمانية لهذين الاسمين:

الأثر الثالث: الحياء أصل كل خير: ففي البخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  "الحياء لا يأتي إلا بخير" (1)  .

 قال ابن القيم رحمه الله: وخلق الحياء من أفضل الأخلاق وأجلها، وأعظمها قدراً، وأكثرها نفعاً، بل هو خاصة الإنسانية، فمن لا حياء فيه ليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم، وصورتهما الظاهرة، كما أنه ليس معه من الخير شيء ولولا هذا الخلق لم يقر الضيف، ولم يوف بالوعد، ولم تؤد الأمانة، ولم تقض لأحد حاجة، ولا امتنع من فاحشة، وكثير من الناس لولا الحياء الذي فيه لم يؤد شيئاً من الأمور المفترضة، ولم يرع لمخلوق حقاً، ولم يصل له رحماً ولا بر بوالديه (2) .

وأعظم الخير كله أن الذي عنده حياء فإن ربه يستحي منه سبحانه جل وعلا، كما في الحديث السابق (والثاني استحيا فاستحيا الله منه).

 وقال يحي بن معاذ : من استحى من الله مطيعاً استحى الله منه وهو مذنب. ومعناه أن من غلب عليه خلق الحياء من الله في حال طاعته، فقلبه مطرق بين يديه إطراق مستحٍ خجل فإنه إذا واقع ذنباً استحى الله عز وجل من نظره إليه في تلك الحال لكرامته عليه فيستحي أن يرى من وليه، ومن يُكرم عليه ما يشينه عنده.

وإذا كان الحياء كله خير، فمن عُدم الحياء فقد عُدم الخير كله، وفي الحديث (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت)(3)  ، فالحياء مأثور عن الأمم المتقدمة والناس تداولوه، وتوارثوه قرناً بعد قرن.

* ويحمل الحديث على معنيين:

1/ على سبيل الذم و النهي عنه، وليس بمعنى الأمر أن يصنع ما شاء، وله تفسيران:

أ) أنه أمر بمعنى التهديد والوعيد، والمعنى إذا لم يكن لك حياء فاعمل ما شئت، فإن الله يجازيك عليه كقوله تعالى ( اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير)  (فصلت:40) وقوله ( فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ) (الزمر:15).

ب) أنه أمرٌ ومعناه الخبر، والمعنى إن من لم يستح صنع ما شاء، فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء، فمن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء، فلفظه أمر ومعناه توبيخ وتهديد.

2/ أما المعنى الثاني أن يحمل الأمر على بابه، ويكون المعنى "إذا كنت في فعلك آمناً أن تستحي منه لجريك فيه على سَنن الصواب، وليس من الأفعال التي يستحيا منها، فاصنع منها ما شئت.  


(1)  رواه البخاري برقم  ( 6117 ) .

(2)  مفتاح دار السعادة.

(3) رواه البخاري برقم  ( 6120 ) .

 



بحث عن بحث