الآداب عند الخلاف (5-7)

 

التماس العذر للمخالف ، فقد يكون للمخالف عذراً لا تعلمه وأنت تلومه وتعتب عليه وسأقتصر على ذكر مثالين على ذلك:

الأول : عن عباد بن شراحيل لما أصابته سنة – أي مجاعة – قال : [ قدمت مع عمومتي المدينة فدخلت حائطاً من حيطانها ، ففركت من سنبله – وفي رواية فأكلت وحملت في ثوبي - ، فجاء صاحب الحائط فأخذ كسائي وضربني ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستعدي عليه ، فأرسل إلى الرجل فجاءوا به ، فقال ( ما حملك على هذا ؟) فقال : يا رسول الله إنه دخل حائطي ، فأخذ من سنبله ففركه , فقال رسول الله ( ما علمته إذ كان جاهلاً ، ولا أطعمته إذ كان جائعاً اردد عليه كساءه ) وأمر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوسق أو نصف وسق ](1).

 

والموقف الثاني : عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال :[ مررت بعثمان بن عفان في المسجد فسلمت عليه فملأ عينيه مني ثم لم يرد علي السلام ، فأتيت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، فقلت : يا أمير المؤمنين هل حدث في الإسلام شيء مرتين ؟ قال : لا ، وما ذاك ؟ قلت : لا إلا أني مررت بعثمان آنفاً في المسجد فسلمت عليه فملأ عينيه مني ولم يرد علي السلام ، قال : فأرسل عمر إلى عثمان فدعاه ، فقال : ما منعك أن لا تكون رددت على أخيك السلام ؟ قال عثمان : ما فعلت . قال سعد قلت : بلى . قال : حتى حلف وحلفت . قال : ثم إن عثمان ذكر فقال : بلى وأستغفر الله وأتوب إليه ، إنك مررت بي آنفاً وأنا أحدث نفسي بكلمة سمعتها من رسول الله ، لا والله ما ذكرتها قط إلا تغشى بصري وقلبي غشاوة . قال قال سعد : فأنا أنبئك بها ؛ إن رسول الله ذكر لنا أول دعوة ثم جاء أعرابي فشغله حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعته ، فلما أشفقت أن يسبقني إلى منزله ضربت بقدمي الأرض ، فالتفت إلي رسول الله قال ( من هذا أبو إسحاق ؟! ) قال قلت : نعم يا رسول الله . قال ( فمه ؟) قال قلت : لا والله يا رسول الله إلا أنك ذكرت لنا أول دعوة ثم جاء هذا الأعرابي فشغلك . قال ( نعم ، دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ؛ فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له ) ](2).

 

                                              يتبع في الحلقة القادمة


(1) أخرجه أبو داود باب في ابن السبيل يأكل من التمر .. ح 2620-3/39 ، والنسائي واللفظ له باب الاستعداء ح 5409-8/240 ، وابن ماجه ح 2620-5/111 ، وأحمد ح 17556-4/166، والحاكم ك الأطعمة ح 7182-4/148 وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، والوسق مقياس  ويقدر بـ ستون صاعاً . انظر النهاية 5/184 .

(2)  أخرجه أحمد ح 1462-1/170 قال الأرناؤوط : إسناده حسن .



بحث عن بحث