فقه الخلق مع النفس (2-7)

 

الحق الثاني: حفظ النفس

ويكون ذلك بحفظها من التلف، أو النقص، ويقتضي ثلاثة جوانب:

الجانب الأول / النهي عن قتل النفس:

قال سبحانه ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً )(1) .

وقال صلى الله عليه وسلم ( من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يَتَوجَّأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومن شرب سماً فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومن تردّى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً )(2) .

 

الجانب الثاني / حفظ الصحة :

ويكون بأمور ثلاثة هي :

1- الأكل والشرب، وفيهما جملة من الآداب والأحكام، نجملها فيما يلي :

أ‌-   عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال : كنت غلاماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا غلام سمِّ  الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يليك )(3)، فقول ( بسم الله ) قبل البدء بالأكل أو الشرب ، والأكل والشرب باليمين ، والأكل مما يلي الإنسان .

عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل عنده ( لا آكل متكئاً)(4)، وهذا يدل على كراهة الاتكاء عند الأكل بأي صفة كانت(5). وكذا الأكل في حال الانبطاح، فعن ابن عمر رضي الله عنه قال ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مطعمين ؛ عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر ، وأن يأكل وهو منبطح على بطنه )(6).

ب‌- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ( ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً قط ، كان إذا اشتهى شيئاً أكله ، وإن كرهه تركه )(7) .

ت‌- عن أبي قتادة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء ... )(8)، وعن ابن عباس رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُتنفس في الإناء، أو ينفخ فيه )(9).

ث‌- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنفس في الشراب ثلاثاً، وقوله : إنه أروى، وأبرأ، وأمرأ )(10)، والمعنى يتنفس عند الشرب، أي يبعد الإناء عن فيه، ثم يتنفس خارجه، إذ التنفس في الإناء منهي عنه .

ج‌- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ، أو يشرب الشربة فيحمده عليها )(11).

 


(1) - سورة النساء آية 29 .

(2) - أخرجه مسلم باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه 2/118 .

(3) - أخرجه البخاري باب التسمية على الطعام ح 5061-5/2056 ، ومسلم باب آداب الطعام والشراب ح 2022 -3/1599 .

(4) - أخرجه البخاري باب الأكل متكئاً ح5083-5/2062 .

(5) - انظر: فتح الباري 9/452، و زاد المعاد 4/ 222 .

(6) - أخرجه أبو داود باب ما جاء في الجلوس على مائدة عليها بعض ما يكره ح3774 -3/349، وقال أبو داود:هذا حديث لم يسمعه جعفر من الزهري وهو منكر . وصححه الألباني ، والحاكم ك الأطعمة ح 7171-4/143 وقال : صحيح على شرط م سلم ولم يخرجاه ، والبيهقي في السنن الكبرى باب الرجل يدعى إلى الوليمة ح 14327-7/266 .

(7) - أخرجه البخاري باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم  ح 3370-3/1306، ومسلم باب لا يعيب الطعام ح2064-3/1632 .

(8) - أخرجه البخاري باب النهي عن التنفس في الإناء ح 5307-5/2133، ومسلم باب النهي عن الاستنجاء باليمين ح267-1/225 .

(9) - أخرجه الترمذي باب ما جاء في كراهية النفخ في الإناءح 1888 -4/304وقال: حديث حسن صحيح ، وقال الألباني: صحيح ، وأبو داود باب في النفخ في الشراب ح3728-3/338، وأحمد ح 1907-1/220 .

(10) - أخرجه البخاري باب الشرب بنفسين ح 5308-5/2133، ومسلم باب آ داب الطعام والشراب ح2028 -3/1602 واللفظ له .

(11) - أخرجه مسلم باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب ح2734 -4/2095.

 

 

 

 



بحث عن بحث