الحلقة (8) حديث ((إِنَّ ابْنِي هَذَا بِهِ جُنُونٌ يَأْخُذُهُ عِنْدَ غَدَائِنَا وَعَشَائِنَا ،...))
 
(8)  عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنه - أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  بِابْنٍ لَهَا فَقَالَتْ: إِنَّ ابْنِي هَذَا بِهِ جُنُونٌ يَأْخُذُهُ عِنْدَ غَدَائِنَا وَعَشَائِنَا فَيُخَبِّثُ عَلَيْنَا فَمَسَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَدْرَهُ وَدَعَا فَثَعَّ ثَعَّةً - يَعْنِي سَعَلَ - فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ مِثْلُ الْجَرْوِ الأْسْوَدِ.(1)
السائلة :
صحابية لم يذكر اسمها .
غريب الحديث :
ثَعَّ : الثَّعُّ، القيءُّ، والثَّعَّةُ : المرة الواحدة .(2)
من فوائد الحديث :
1 / فيه تلبُّس الجان، وسلطانه النافذ في بعض القلوب الضعيفة، الخاوية من الذكر والدعاء وتلاوة كتاب الله، وإلحاقه الأذى بالمؤمنين؛ في طعامهم وشرابهم وسائر أمور حياتهم.
2 / التصرف الواعي من تلك الصحابية بوصف علَّة الصبي بدقَّة، وبيان ما يشتكي منه وتعدي ضرره، و طول صبرها عليه ، لاستثارة همّة المداوي واستدرار عطفه، وإعطائه تصورًا وافيًا لعلَّته، وهذا يعينه في اختيار الدواء المناسب له .
3 / أثر القراءة والدعاء والالتجاء إلى الله سبحانه في العافية من المسِّ وخروج الجانِّ وبيان هيئة عند الخروج كالجر والأسود .
4 / مجيءُ الصحابية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكايةُ بلواها لم يعتبره النبي صلى الله عليه وسلم من الجزع المحرَّم، أو الشِّكاية المذمومة التي تنافي الصبر، أو التذمّر المقيت من قضاء الله وقدره.
5 / يظهر -و الله أعلم – أن النساء والصبيان هم الفئة التي يغلب فيها مسّ الجان والتلاعب بهم لضعفهم وسرعة تأثرهم ونفوذ الفزع إليهم ، و تصديق الخرافات ، ولبعدهم عن الحرز المكين والذكر الحصين.

(1) رواه أحمد – واللفظ له - (4/241 ح2418) و رواه أيضاً (4/37 ح2133) بمثله، إلا أن في أوله: قالت: «يا رسول الله إن به لممًا» وقالت: «فيفسد علينا » بدل يُخبِّث. وفي آخره قال: «فَشُفِيَ » رجال الحديث ثقات، إلا فرقد السبخي فهو ليّن الحديث، فالإسناد به جيّد
(2)     معجم مقاييس اللغة (ص163)، لسان العرب (8/39)، مختار الصحاح (ص36).
الغريب لابن سلام (2/212)، الفائق (1/166)، النهاية في غريب الحديث (1/212).
 
 


بحث عن بحث