من بركات رمضان

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.

الحمد لله الذي هيأ لنا مواسم تتعدد فيها الأعمال وتتنوع، وتتضاعف فيها الأجور وتغفر الذنوب، وله سبحانه في ذلك حكمة لعلها ما يعلمه تعالى من طبيعة النفس البشرية، التي جبلت على السأم والملل، لذا قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: (عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا).

 

لقد تحدث العلماء كثيرا عن الأعمال الصالحة التي يمكن للمرء أن يقوم بها في رمضان، ويلاحظ فيها أنها تشمل جميع العبادات، بعضها من النوافل وبعضها من الفرائض، وهي ليست مبنية على اجتهاد منهم رحمهم الله، بل لكل عمل منها ما يؤيده من فعله صلى الله عليه وسلم أو قوله:

- يأتي الصوم -وهو السمة البارزة لهذا الشهر- على رأسها، وهو ركن من أركان الإسلام، لذا يفوق بفضله جميع الأعمال الصالحة في هذا الشهر.

قال صلى الله عليه وسلم: (كل عمل آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، يقول الله عز وجل: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي. للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) متفق عليه

ويمتاز الصوم بأن العبد يكون في عبادة من الفجر إلى المغرب، ولو كان نائما أو مشغولا بعمل الدنيا أو غير ذلك، وفيه كما في الحديث الصبر عن الشهوات، التي قد يكون تركها لدى كثير من الناس أشق من أداء العبادات التي لا تتطلب ذلك.

- يليه الصدقة بشقيها: الواجبة (وهي الزكاة) أو النافلة التي ورد فيها عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس , و كان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل عليه السلام , و كان يلقاه كل ليلة في رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة. متفق عليه

أما الزكاة فهي داخلة في هذا المعنى، لذا يحرص كثير من المسلمين على أدائها في هذا الشهر، ابتغاء للأجر، واستغلالا لإقبال النفس، وضبطاً لها عن السهو والنسيان.

ومن الصدقة تفطير الصائمين - ولو لم يكونوا من الأصناف الذين يستحقون الزكاة أو الصدقة- بل اللفظ يشمل كل صائم حيث يقول صلى الله عليه وسلم: (من فطّر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء) أخرجه أحمد والنسائي وصححه الألباني.

-  ومنها قيام الليل -فضلا عن الصلاة الواجبة في كل وقت- حيث ورد فيه مزيد من الثواب على قيام سائر الشهور لقوله صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه.

وقيام الليل في رمضان فيه خصيصة وهي قيامه جماعة في المساجد، مما يشجع من لم يكن يقومه في غير رمضان على القيام...

-  ومنها العمرة في رمضان لقوله صلى الله عليه وسلم: (عمرة في رمضان حجة) رواه البخاري. وفي رواية للإمام أحمد قال: (عمرة في رمضان تعدل حجة).

قال الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- (أفضل زمان تؤدى فيه العمرة شهر رمضان لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عمرة في رمضان تعدل حجة) متفق على صحته، وفي رواية أخرى في البخاري: (تقضي حجة معي) وفي مسلم: (تقضي حجة أو حجة معي) - هكذا بالشك- يعني معه عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك العمرة في ذي القعدة؛ لأن عُمَرَهُ صلى الله عليه وسلم كلها وقعت في ذي القعدة، وقد قال سبحانه: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) وبالله التوفيق)(1).

 

بقلم                    
أسماء الحميضي         
ماجستير حديث           
كلية التربية بجامعة الملك سعود


 


(1)      نشر في كتاب (فتاوى إسلامية) من جمع الشيخ محمد المسند ج2 ص 303، وفي جريدة (الندوة) العدد 12226 في 26/9/1419هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء السابع عشر.



بحث عن بحث