الأحاديث القدسية الصحيحة الصريحة – حرف الألف (18-24)

الحديث السادس والسبعون:

عن أبي أسماء الرحبي أن ثوبان حدثه أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن ربي زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها، وأعطاني الكنزين الأحمر والأبيض، وأن أمتي سيبلغ ملكها ما زُوِيَ لي منها، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة فأعطانيها، وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم فأعطانيها، وسألته أن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها، وقال: يا محمد! إني قضيت قضاء لم يرد؛ إني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكها بسنة عامة، ولا أُظهر عليهم عدوا من غيرهم فيستبيحهم بعامة، ولو اجتمع من بأقطارها حتى يكون بعضهم هو يهلك بعضا هو يسبي بعضا، وإني لا أخاف على أمتي إلا الأئمة المُضِلِّين، ولن تقوم الساعة حتى تلحق قبائلُ من أمتي المشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان، وإذا وُضع السيف في أمتي؛ لم يُرفع عنها إلى يوم القيامة، وأنه قال: كل ما يوجد في مائة سنة، وسيخرج في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبيّ وأنا خاتم الأنبياء؛ لا نبي بعدي، ولكن لا تزال في أمتي طائفة يقاتلون على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله.

قال: وزعم أنه لا ينزع رجل من أهل الجنة من ثمرها شيئا إلا أخلف الله مكانها مثلها، وأنه قال: ليس دينار ينفقه رجل بأعظمَ أجرا من دينار ينفقه على عياله، ثم دينار ينفقه على فرسه في سيبل الله، ثم دينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله.

قال: وزعم أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- عظّم شأن المسألة، وأنه إذا كان يوم القيامة جاء أهل الجاهلية يحملون أوثانهم على ظهورهم، فيسألهم ربهم -عز وجل- ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: ربنا! لم ترسل إلينا رسولا ولم يأتنا أمر، ولو أرسلت إلينا رسولا؛ لكنا أطوع عبادك لك. فيقول لهم ربهم: أرأيتم إن أمرتكم بأمر أتطيعوني؟ قال: فيقولون: نعم. قال: فيأخذ مواثيقهم على ذلك، فيأمرهم أن يعمدوا لجهنم فيدخلونها. قال: فينطلقون حتى إذا جاؤوها رأوا لها تَغَيُّظًا وزفيرا، فهابوا فرجعوا إلى ربهم فقالوا: ربنا! فرقنا منها فيقول: ألم تعطوني مواثيقكم لتطيعوني؟ اعمدوا لها فادخلوا. فينطلقون حتى إذا رأوها فَرِقُوا، فرجعوا فقالوا: ربنا! لا نستطيع أن ندخلها. قال: فيقول: ادخلوها داخرين. قال: فقال نبي الله -صلى الله عليه وسلم-: لو دخلوها أول مرة؛ كانت عليهم بردا وسلاما»(1).

 

الحديث السابع والسبعون:

عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يومًا يحدث وعنده رجل من أهل البادية: «أن رجلا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع، فقال له: ألست فيما شئت؟ قال: بلى، ولكني أحب أن أزرع، فأسرع وبذر، فتبادر الطرف نباته واستواؤه واستحصاده وتكويره أمثال الجبال. فيقول الله –تعالى-: دونك يا ابن آدم؛ فإنه لا يشبعك شيء». فقال الأعرابي: يا رسول الله! لا تجد هذا إلا قرشيا أو أنصاريا؛ فإنهم أصحاب زرع، فأما نحن فلسنا بأصحاب زرع. فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-»(2).

 

الحديث الثامن والسبعون:

عن أنس قال: بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسما. فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟! قال: «أُنزلت علي آنفا سورة»، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم ? إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ?، ثم قال: «أتدرون ما الكوثر»؟ فقلنا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنه نهر وعدنيه ربي -عز وجل- عليه خير؛ كثير وحوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم فيختلج العبد منهم فأقول: رب إنه من أمتي. فيقول: ما تدري ما أحدثت بعدك»(3).


(1) أخرجه الحاكم (8390)، وقال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي.

(2) أخرجه البخاري: كتاب المزارعة، باب كراء الأرض بالذهب والفضة (2348)، كتاب التوحيد، باب كلام الرب مع أهل الجنة (7519).

(3) أخرجه مسلم: كتاب الصلاة، باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة (400). 

 

 



بحث عن بحث