آداب المسجد

ومن الآداب المستحبة المبادرة والتبكير والمسارعة بالخروج إلى الصلاة ، وهو سبب من أسباب أن يظل الله العبد يوم القيامة في ظله لتعلق قلبه بالمسجد كما في حديث السبعة .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا ) (1)

وقد ذكر أصحاب السير قصصاً في هذا الباب كثيرة لسلفنا الصالح - رحمهم الله- فهذا سعيد بن المسيب - رحمه الله - يقول : ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد.

وبشر بن الحسن - رحمه الله -كان يقال له: صفّي ؛ لأنه كان يلزم الصف الأول خمسين عاماً في مسجد البصرة .

ومما يستحب أن يكون الذهاب إلى الصلاة ماشياً – إن تيسر له ولم يشق عليه – ويكون بسكينة ووقار ولا يشبِّك بين أصابعه لأنه في صلاة .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ، فَامْشُوا إِلَى الصَّلاَةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالوَقَارِ، وَلاَ تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا) (2)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مَنْ بُيُوتِ اللهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالْأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً)(3)

وعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، فَصَلَّاهَا مَعَ النَّاسِ أَوْ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ غَفَرَ اللهُ لَهُ ذُنُوبَهُ)(4)

ويتأكد إستحباب التبكير للصلاة يوم الجمعة قبل أن ينادى لها

روى الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي وحسنه، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان في "صحيحيهما"، والحاكم وصححه؛ عن أوس بن أوس الثقفي -رضي اللَّه عنه-، قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: (من غسل يوم الجمعة واغتسل، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة، أجر صيامها وقيامها)(5)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ المَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ) (6)

ويزداد الأجر على عِظَم المشقة

عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلَاةِ أَبْعَدُهُمْ إِلَيْهَا مَمْشًى، فَأَبْعَدُهُمْ، وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْإِمَامِ أَعْظَمَ أَجْرًا مِنَ الَّذِي يُصَلِّيَهَا ثُمَّ يَنَامُ ) (7)

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَتَحَوَّلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ، قَالَ: وَالْبِقَاعُ خَالِيَةٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ( يَا بَنِي سَلِمَةَ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ )(8)

وعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ لَا أَعْلَمُ رَجُلًا أَبْعَدَ مِنَ الْمَسْجِدِ مِنْهُ، وَكَانَ لَا تُخْطِئُهُ صَلَاةٌ، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: أَوْ قُلْتُ لَهُ: لَوْ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا تَرْكَبُهُ فِي الظَّلْمَاءِ، وَفِي الرَّمْضَاءِ، قَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَنْزِلِي إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَدْ جَمَعَ اللهُ لَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ)(9)

وهنا تنبيه: ذكر العلماء أن الأجر على قدر المشقة لا أن تحمل نفسك مشقة لتحصل على أجر بل الأجر على قدر المشقة في التكليف الذي كلفت به من الشارع لا منك أنت .

ومن أسباب محو السيئات ورفعة الدرجات : كثرة الخطى إلى المسجد ، والجلوس فيها إنتظاراً للصلاة

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟) قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: ( إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ) (10)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ، بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَذَلِكَ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ، لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ، فَلَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي الصَّلَاةِ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ هِيَ تَحْبِسُهُ، وَالْمَلَائِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، يَقُولُونَ: اللهُمَّ ارْحَمْهُ، اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ)(11) .

 ___________________

(1) أخرجه البخاري في "صحيحه" ( ح 615( كتاب الأذان ، باب الإستهام في الأذان ،ومسلم في "صحيحه"  ( ح 437 (  كتاب الصلاة  .

(2) أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب الأذان ، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار ( ح 636 )  ، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة   (ح 602 ).

(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة   ( ح 666) .

(4) أخرجه البخاري في "صحيحه" (ح  159 ( كتاب الوضوء ، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا ، ومسلم في "صحيحه" واللفظ له (ح 232 ) كتاب الطهارة .

(5) رواه الإمام أحمد في "المسند" (4/ 9)، وأبو داود ( ح 345 )، كتاب: الطهارة، باب: في الغسل يوم الجمعة، والترمذي (ح 496)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الغسل يوم الجمعة، والنسائي (ح 1381)، كتاب: الجمعة، باب: فضل غسل يوم الجمعة، وابن ماجه ( ح 1087)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الغسل يوم الجمعة، وابن خزيمة في "صحيحه" (ح 1758)، وابن حبان في "صحيحه" (ح 2781)، والحاكم في "المستدرك" (ح 1040).

(6) أخرجه البخاري كتاب الجمعة ، باب فضل الجمعة (881)  ، ومسلم  كتاب الجمعة ( 850 ) .

(7) أخرجه البخاري في كتاب الأذان ، باب فضل صلاة الفجر في جماعة (651)  ، ومسلم واللفظ له في كتاب المساجد ومواضع الصلاة ( 662)  .

(8) أخرجه مسلم في "صحيحه"  ( ح 665) ،كتاب المساجد ومواضع الصلاة .

(9) أخرجه مسلم في "صحيحه" ( ح 663 ) ،كتاب المساجد ومواضع الصلاة .

(10) أخرجه مسلم في "صحيحه" ( ح 251 ) ، كتاب الطهارة .

(11) أخرجه البخاري في "صحيحه" (1 / 103)، ( ح 477 ) ،كتاب الصلاة ، ، باب الصلاة في مسجد السوق ، ومسلم في "صحيحه" ( 2 / 128 )، ( ح 649 ) ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة .



بحث عن بحث