من آداب المسجد

فللمسجد في الإسلام آثار وآداب فقد حثنا ديننا على عمارتها حسياً ومعنوياً ورتب الله سبحانه على ذلك عظيم الأجر قال تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ) [ النور : 36 ،37 ] .

وقال تعالى :(إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [التوبة : 18]

وفي كربات يوم القيامة يكون المؤمن المعلق قلبه بالمسجد في ظل عرش الرحمن آمناً مطمئناً نسأل الله الكريم من فضله .

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ (وذكر منهم ) وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في الْمَسَاجِدِ ) (1)

ومن فضل الله عز وجل وكرمه وجوده سبحانه على مرتاد المسجد أن يصله بنعمة الجنة ونعيمها المقيم ففي الحديث

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ، أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلًا، كُلَّمَا غَدَا، أَوْ رَاحَ ) (2)

والمساجد بيوت الله يجد المسلم فيها روضة من رياض الجنة مابين ذكرٍ لله واعتكاف وتلاوة وصلاة ومناجاة وغيرها من أنواع القربات للمولى المنان سبحانه فمن باب إيجاد بيئة مناسبة لراحة عمّار المساجد (معنوياً) ومن هذا المنطلق لزم التذكير ببعض آداب المسجد حتى تتحقق الرسالة التي أرادها الله سبحانه منه

فمن هذه الآداب :

  1. 1.الخروج على أحسن هيئة وأطيب رائحة .

ومن هنا وجبت طهارة البدن والثوب وكانت الطهارة من الأحداث والأنجاس شرطاً لصحة الصلاة .

ويدخل في حسن الهيئة : أخذ الزينة الظاهرة من جمال الثياب وطيب الرائحة والإستياك لدخوله في قوله عز وجل : (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [ الأعراف :31]

قال ابن كثير رحمه الله : ولهذه الآية وما ورد في معناها من السنة يستحب التجمل عند الصلاة ،ولاسيما يوم الجمعة ويوم العيد ،والطيب لأنه من الزينة والسواك لأنه من تمام ذلك (3)

وقال النبي r: (إن الله جميل يحب الجمال) (4)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ - وَفِي حَدِيثِ زُهَيْرٍ عَلَى أُمَّتِي - لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ) (5)

ومما يخالف مفهوم آية الأعراف السابقة ما يتأذى منه المصلون وتتأذى منه الملائكة عليهم السلام كذلك من الروائح المستكرهة كالثوم والبصل والكراث وما شابهها

فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا، أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ ) (6 )   وفي رواية لمسلم

(مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ ) ( 7)

وإذا كان هذا في الثوم والبصل ونحوها وهي في الأصل مباحة فكيف بالدخان فلا شك أنه يكون حراماً

فعلى المسلم الإعتناء بأخذ الأدب اللازم في بيوت الله تعالى يجمع المسلم بين نظافة المظهر والمخبر

وينبه الإخوة العاملون في المهن التي تؤثر على ملابسهم بأن يجتهدوا في نظافة لباسهم ورائحتهم حينما يأتوا للصلاة في المسجد

فأكرم بعبدٍ يأتي بيوت الله متطهراً متنظفاً تفوح رائحته طيباً فيا سعادته بفضل الله وكرمه وجزيل ثوابه سبحانه

___________________

(1) أخرجه البخاري واللفظ له (660 ) كتاب الأذان ، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد، وحديث (1423 ) كتاب الزكاة ، باب الصدقة باليمين ، ومسلم حديث (1031).

(2) أخرجه البخاري حديث(662) كتاب الأذان ، باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح . ومسلم حديث(669 )كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، واللفظ له .

(3) تفسير ابن كثير [الأعراف:31] ج/3 ص 365 .

(4) أخرجه مسلم حديث (91) كتاب الإيمان ، واللفظ له .

(5) أخرجه البخاري(887) كتاب الجمعة ، باب السواك يوم الجمعة ،(7240 ) كتاب التمني ، باب ما يجوز من اللو، ومسلم واللفظ له (252)كتاب الطهارة .

(6) أخرجه البخاري واللفظ له (855) كتاب الأذان ،باب ماجاء في الثوم الني والبصل والكراث ، (5452) كتاب الأطعمة ، باب مايكره من الثوم والبقول ،(7359) كتاب الإعتصام بالكتاب والسنة ،باب الأحكام التي تعرف بالدلائل ، وأخرجه مسلم (564) كتاب المساجد ومواضع الصلاة .

(7)أخرجه مسلم في صحيحه (564) كتاب المساجد ومواضع الصلاة .



بحث عن بحث