الرسول وآداب الصيام (1-4)

إن المسلم الحريص على مرضاة مولاه يتمتع بنعمة الصيام وحلاوة القيام وسائر الطاعات، وهو يؤدي هذه العبادات يتقرب بها إلى مولاه الكريم طامعًا في المغفرة والرضوان.

وهذه غاية كبيرة وهدف عظيم ومسعى كريم، لا يتم الوصول إليه إلا بالسير في منهاج الرسول ﷺ وهديه الكريم، فمن معالم الاقتداء بهذا النبي الكريم ﷺ: التعرف على هديه في آداب الصيام وعوامل القبول والإجابة لرمضان والصيام.

وعلى رأس هذه الآداب بل الشروط: النية الخالصة للصيام، فشأن الصيام شأن أي عبادة لله عز وجل، فالمكلف لا تقبل منه أية عبادة إلا بهذه النية، تحقيقًا لقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}(1)، وروى الشيخان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه«(2).

وقد ذكر أهل العلم أن نية صيام الفرض يجب أن تبيت من الليل؛ لما روى ابن عمر رضي الله عنه عن حفصةرضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال: «من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له»(3)، ولا يلزم التلفظ بهذه النية، ويقوم مقام ذلك استشعاره للقيام لوجبة السحر مثلًا، أو أي عمل يدل على أنه سيصوم.

وعليه فيجب على الصائم أن يستشعر نية صيامه، وأن الصيام عبادة يتقرب بها إلى مولاه، فلم يترك طعامه وشرابه وشهوته وقضاء وطره إلا تنفيذًا لأمر مولاه، وهذا كله يشعر ببعض الأخطاء التي يقع فيها كثير من الصائمين بقصد أو بغير قصد، فالذي لا يهتم لقدوم شهر رمضان وإهلال إهلاله، والآخر المسافر الذي يتردد بين الفطر ومواصلة الصيام، والثالث الذي لا يعرف من صيامه إلا ترك الكل والشرب والجماع دون حضور قلبي لعظم الأجر والثواب.. هؤلاء وأمثالهم عرضوا صيامهم للنقص والخلل، فحريٌّ بالمسلم أن يجدد نية الصيام كل ليلة، ليعظم الأجر ويزداد الثواب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [البينة: 5]

(2) أخرجه البخاري (1)، ومسلم (1907).

(3) أخرجه أحمد (6/287)، وأبو داود (2454)، والترمذي (730)، والنسائي (330)، والدارقطني (2193، 2194)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (6534، 6583).



بحث عن بحث