الرسول ومقاصد الصيام (1-2)

إن لرمضان والصيام منزلة خاصة عند رسول الله ﷺ؛ لما يحتويان عليه من الفضائل والخصائص والسمات والمزايا.

فمن هديه عليه الصلاة والسلام صيام شهر رمضان، الركن الرابع من أركان الإسلام، لا يقوم إلا به، روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام«(1).

ومن هديه ﷺ: بيانه أن صيام رمضان مكفر للخطايا والسيئات، يمحو الله به الذنوب والآثام، ولا شك أن الإنسان معرض للخطأ والزلل، ويعتريه النقص والخلل، فإذا ما جاء رمضان وصامه العبد المسلم غفر الله له ذنوبه وكفّر عنه سيئاته، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله ﷺ: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر«(2).

ولكن يشترط لهذا التكفير أن يكون الصيام خالصًا لله عز وجل، يصومه العبد إيمانًا بالله سبحانه وتعالى، ورضًا بفريضة الصيام.

ومن شرط التكفير أن يصومه العبد احتسابًا للثواب والأجر، فلا يعرضه للنقص، جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه»(3). ولقد بين الرسول ﷺ فضلًا آخر للصيام، فقد روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله ﷺ: «قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي«(4).

فسبحان من إذا أعطى أجزل، وإذا منَّ أكرم وأحسن؛ الأعمال الصالحة كلها تضاعف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، حتى تصل الحسنة الواحدة مبالغ عظيمة حتى تصبح كالجبال الشم مع الإخلاص لله عز وجل، ومع هذا كله فالصيام يتفوق على ذلك كله، فيسنده ربنا عز وجل إلى نفسه، فلا يعلم بحد الأجر فيه أحد: «إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» فهل استشعر الصائم حقيقة هذا الأمر؟ وصام إيمانًا واحتسابًا، لماذا كل هذا؟ يقول الله عز وجل: «يدع شهوته وطعامه من أجلي» فإذا ترك الأكل والشراب في نهار رمضان من أجل الله تعالى الذي أمره بذلك، وإذا ترك الجماع ودواعيه فإنما يتركه لأنه صائم؛ لذا فليستبشر الصائمون بأنهم في ضيافة أجود الأجودين وأكرم الأكرمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه البخاري (8)، ومسلم (16).

(2) أخرجه مسلم (233)، (16).

(3) أخرجه البخاري (1901)، ومسلم (760).

(4) أخرجه البخاري (1894، 1904)، ومسلم (1151).



بحث عن بحث