أداب الذكر (3-3)

الوقفة الخامسة:

إن ذكر الله تعالى هو أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه سبحانه، كما روى الترمذي عن أبي الدرداء عن النبي أنه قال: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير  لكم من إعطاء الذهب والورِق، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «ذكر الله»(10).

ومن هنا ينبغي للمسلم وهو يتقرب إلى مولاه في هذا الشهر المبارك أن يرتبط بذكر الله تعالى قائمًا وقاعدًا، ماشيًا وراكبًا، يحفظ الأَذكار المأثورة، ويحفظها أسرته وأولاده، فتقترب منه الملائكة، وتبعد عنه الشياطين، كما ورد في أحاديث كثيرة، ويُعلِّم أولاده أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم بداية واستيقاظًا، وأذكار الخروج من المنزل والدخول إليه، وفي سائر الأَحوال كلها، بهذا نحفظ أنفسنا ومجتمعنا من كل سوءٍ وشر.

أيها الصائمون والصائمات:

إن الناظر في واقعنا تجاه هذا الشعيرة المباركة الفاضلة يجد تقصيرًا بيِّنًا، وغفلة واضحة، واشتغالًا بالملهيات عن ذكر الله، تجد المجالس العامرة بالقيل والقال، والغيبة والنميمة، والمزاح الكثير والضحك المميت للقلب، وغير ذلك مما تشغل به أوقات الشيب والشباب، والرجال والنساء.

أيها المسلمون الكرام:

إن شهر رمضان فرصة عظيمة لتدارك ما مضى من التقصير في سالف العمر، وفيما بقي منه استدراك لما فات، فهلا وقفة مع النفس لمحاسبتها على ما ضيعت من أوقات، وما اشتغلت به عن ذكر الله؟ إن رمضان موسم تجارة رابحة بالذكر وقراءة القرآن والدعاء والاستغفار وغيرها من أعمال الخير.

أسأل الله جل وعلا أن يعفو عن زللنا وتقصيرنا، ويضاعف حسناتنا، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، إنه سميع مجيب والله المستعان.

________

(10) رواه الترمذي برقم(3377) في الدعوات، باب ما جاء في فضل الذكر، وابن ماجه برقم(3790) في الآداب، باب فضل الذكر، والحاكم (1/496).



بحث عن بحث