الدعاء (3-3)

الوقفة الخامسة:

لا شكَّ أن الموفَّقين هم الذين يُلِحُّون على الله في الدعاء، ويتحررون أوقات الإِجابة وأمكنتها، كشهر رمضان، وحال الصيام، والحج وآخر الليل، وحال انتظار الصلوات، وفي السجود، وفي البيت الحرام.

كما أن الدعاء يكمل بآدابه، فإذا ما دعا الداعي بادئًا بحمد الله والثناء عليه والصلاة والسلام على رسوله ويختم بذلك، مستقبلًا القبلة، رافعًا يديه، متطهِّرًا، آخذًا بجوامع الدعاء، مجتنبًا الألفاظ الغامضة والمعاني المتشابهة، محيطًا ذلك بخشوع ورغب ورهب، وصدق لجوء، وحضور قلب، موقنًا بالإِجابة، صادق الرجاء؛ فحريٌّ أن يجيب الله تعالى دعاءه ويعطيه مسألته بمنِّه وكرمه سبحانه.

الوقفة السادسة:

لا شكَّ أن الصدق في الدعاء وقت الرخاء عامل قوي لإجابة الدعاء وقت الشدة، فإن كثيرًا من الذين انشغلوا وقت رخائهم وتشاغلوا بالدنيا، وغفلوا عن الله سبحانه ونسوا طاعته، فإذا ما حل بهم مكروه وكرب أو حاقت به أزمة؛ ذكروا ربهم فأقبلوا عليه ليزيح عنهم هذه الكربة، فهؤلاء أخطأوا، وخالفوا توجيه الرسول : «تعرّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة»(3).

ومن المتناقضات في شأن الدعاء: أن يقبل العبد على الله تعالى داعيًا راجيًا، وهو في الوقت نفسه يشعل الحرب مع الله تعالى بارتكاب ما يسخطه، ويعمل ما يجر الظلم إلى خلقه، فهذا الصنف خادع نفسه وناقض قولُه فعلَهُ، نسأل الله العفو والعافية.

الوقفة السابعة:

إن الله سبحانه وتعالى كريم يحب الكرام، فهو أكرم الأكرمين، وأجود الأجودين، ويحب من عباده أن يكونوا كرامًا فيكثروا من الدعاء، ومن أنفع الدعاء: الدعاء للغير بظهر الغيب، فقد أخبر الرسول بأن على رأس الداعي ملك يقول: ولك بمثل ذلك.

والداك وإن علوا، وزوجتك وذريتك، وأولياء الأمور والعلماء، وأحبابك وأصدقاؤك، ومن له حق عليك، وإخوانك المسلمين في كل مكان... لا تنسهم، فكن كريمًا وخَصِّص لهم جزءًا من دعائك، تقبل الله منا ومنك، أسأل الله الكريم أن يرزقنا إيمانًا خالصًا، ويقينًا صادقًا، وعملًا صالحًا، ودعاء متقبلًا، إنه سميع مجيب وهو المستعان.

___________

(3) رواه الإمام أحمد في المسند (1/307).



بحث عن بحث