فوائد تعبير الرؤى

إن لتعبير الرؤى فوائد كثيرة، تتعلق في مجملها بالرائي نفسه، ومن أهمها:

1– أن الرؤيا تكون بشارة أو نذارة، وهي مفيدة في الحالتين، إما أن تكون مبشرة يفرح بها الإنسان وتدفعه إلى المزيد من العمل الصالح والإكثار من الطاعة والعبادة، أو تكون منذرة له حين يغفل عن ذكر الله تعالى وعبادته، فتذكره بضرورة الرجوع إلى الله تعالى وعدم مخالفته وعصيانه.

2– أن الرؤيا تكون في كثير من الأحيان سببًا لثبات المؤمن وتمسكه بتعاليم دينه، لا سيما عند كثرة الفتن والمحن، لأنه يرى عبر الرؤى مبشّرات تكسر الأغلال وتجلي الظلام وتستقبل النور والهدى.

3– إن الرؤيا الصادقة تزيد من إيمان المؤمن بالله تعالى وبوعده الذي جعل مع كل عسر يسرًا، ومع كل أزمة فرجًا ومخرجًا، كما حدث ليعقوب عليه السلام الذي لم يفقد الأمل في يوسف واللقاء به، حيث كان واثقًا بحفظ الله تعالى له، لا سيما وأنه لم تتحقق بعدُ نتيجة رؤيا يوسف، فكان أمله بالله قويًا، وقد حصل له ذلك، رغم أن الجميع كانوا يعتقدون بموته عليه السلام.

4– إن تعبير الرؤيا الصادقة، تدفع الإنسان للعمل بجد وإخلاص وإتقان، وتفتح أمامه آفاق الإبداع والاختراع، وتحقيق الأهداف والغايات، لأنه ينظر إلى الحياة بمنظار تفاؤلي بعيد، لا يتوقف كثيرًا عند المعوقات والتحديات، بل يقابلها بقوة التفاؤل والأمل بالله تعالى على الإنجاز والتحقيق.

*     *     *

وفي الختـام:

فلا بد من إيضاح أمر مهم يتعلق بالرؤى وتعابيرها، وهو أن ذلك كله من علم الغيب الذي لا يعرف عنه أحد من الخَلق، وأن الله تعالى هو الوحيد المطلع على حقيقة الرؤى وما فيها من المصالح والمفاسد على الرائي ومن لهم علاقة بالرؤى، يقول تبارك وتعالى: {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}(1).

وما يقوم به بعض أهل العلم الذين تخصصوا في تعبير الرؤى إنما على سبيل الظن وليس اليقين، إلا ما جاء حكمه واضحًا من الكتاب والسنة، كما عبّر يوسف عليه السلام لرؤيا صاحبيه في السجن بأن أحدهما يسقي ربّه خمرًا، وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه، وكذلك تعبير النبي ﷺ القيد بالثبات في الدين.

ويقول ابن سيرين رحمه الله حول تعبير الرؤى: «إنما أجيب بالظن، والظن يخطئ ويصيب».

وهذا يعني أن الرائي لا يفرح كثيرًا برؤياه الحسنة ويبني عليها صروحًا من الآمال والأمنيات، بل إنه يستبشر بها خيرًا ويسأل الله تعالى أن يجعل فيها فرجًا ومخرجًا لأمراضه ومعاناته، كما ينبغي ألا يحزن الرائي إذا رأى مكروهًا أو رؤيا مزعجة ثم يستسلم لحكم المعبّر ويركن إلى اليأس والانعزال وينتظر نتيجة رؤياه المحزنة، بل عليه اللجوء إلى الله تعالى والاستعاذة به من شرور الشياطين، ويقدم بين يديه العمل الصالح الذي إذا دُعي به استجاب له ربّه، ويسأله السلامة في نفسه وأهله وماله.

هذا هو المنهج الصحيح في التعامل مع الرؤى بصورة عامة، والله المستعان في جميع الأحوال والأزمان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [النمل: 65]



بحث عن بحث