علاقة الرؤيا بالأمراض النفسية (2-2)

ثانيًا: العلاقة السلبية بين الرؤيا والمرض النفسي:

كما أن من الرؤيا مبشرات، فإن منها أهاويل وألاعيب من الشيطان كما وصفها النبي ﷺ، في قوله: «الرؤيا ثلاث: منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة»(1).

وتظهر السلبية في الرؤيا بالأمور الآتية:

1– بناء على الحديث السابق، فإن الرؤيا في الأصل إما تكون مبشرة، أو أهاويل من الشيطان، أو ما يهم به الرجل في صحوته، فإذا اختلط هذا الفهم عند الرائي وفَسَدَ عنده التصور الصحيح عن الرؤى، فإنه يصبح أكثر عرضة لشراك الشياطين ووساوسهم، مما يتسبب له في بعض الأمراض والاضطرابات النفسية.

2- إن الإخبار بالرؤيا، سواء كانت حسنة أو غير حسنة، يؤدي أحيانًا إلى ظهور الأثر السلبي لهذا السلوك الذي نهى عنه النبي ﷺ، لا سيما إذا أخبر بها الرائي من يكرهه من الناس، لأن الرؤيا الحسنة يُخبر بها المحبين فحسب، وأما المزعجة فلا يُخبر بها أحدًا.

3- عرض الرؤيا على غير أهل العلم، ومن ثم تأويلها وتعبيرها حسب الهوى أو الجهل، يزيد العبد المريض خوفًا وهلعًا، لأن المعبّر العالم يرشد الرائي إلى الخير في جميع الأحوال، وإذا رأى في الرؤيا شيئًا سلبيًا لم يخبر بها الرائي رأفة بحاله وتفاديًا لوقوعه في دوامة الوساوس والتخيلات.

4– إن الاهتمام الكبير بالأحلام وقضاء الأوقات في تحليلها وتفسيرها، وربطها بالواقع بصورة دائمة، وإسقاط الأحلام على جميع الحوادث في الحياة، يعدّ مدخلاً خطيرًا من مداخل الشيطان إلى النفس، وخصوصًا إذا كانت تعاني بالأصل من بعض الأمراض، فإن هذا التصور السلبي عن الرؤيا وهذا التعامل الفاسد معها، يزيد من المرض على الرائي ويضاعف أثره عليه حتى تصبح الرؤيا الهاجس الذي يتحكم في مشاعره وسلوكياته في الحياة.

5– إن عدم الالتزام بتعاليم الرسول ﷺ في الرؤى يعكس على الرائي بصورة سلبية، سواء في نفسه أو بدنه، أو أهله وماله وغير ذلك من الأمور المتعلقة به، مثل التفل على الجنب الأيسر في حال الرؤى المزعجة والتعوذ من الشيطان أو السكوت عن رؤاه ولا يخبر بها أحدًا، فإن الإفراط في مثل هذه التعاليم يؤثر سلبًا على الرائي، بل إن كثيرًا من هذه الرؤى قد تتحول إلى واقع أو هاجس أو مدخل للشيطان إلى النفس.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سبق تخريجه.



بحث عن بحث