توجيهات إلى المرقي

إن كثيرًا من الحالات المرضية التي تستدعي الرقية ما هي إلا نتائج ظروف وأحوال يمر بها الإنسان، أو ربما تكون مما تكسبه أيد بعض الناس من المظالم والتجاوزات وعدم الوقوف عند حدود الله تعالى، ومن أجل ذلك لا بد للمرقي أن يراجع ماضيه ويقوم ببعض الخطوات التي تسرع في شفائه ونجاح الرقية عليه، ومن أهم هذه الخطوات:

1- التأمل في مجموعة من الأمور التي لها علاقة بالمرض:

- دراسة حاله مع الله تعالى، بالمحافظة على الفرائض والواجبات وأدائها في أوقاتها، والتواصل مع القرآن والأذكار والأدعية التي من شأنها حفظ الإنسان وحمايته من مكائد الشياطين، وكذلك مراجعة حالات الغفلة عن الله، لأن المعاصي من الأسباب التي تمهّد الطريق للشياطين ونزغاتهم إلى النفس.

- مراجعة حال أسرته وأهل بيته، ومدى قيامه بواجب المسؤولية الشرعية نحو جميع أفرادها، لقوله ﷺ: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راع ومسؤول عن رعيته«(1).

- التأمل في حاله مع الناس في المجتمع الذي ينتمي إليه، ومراجعة سلوكياته وأخلاقه مع الآخرين، في التعاملات اليومية المختلفة، لأن كثيرًا من الأمراض تكون نتيجة ظلم للناس أو اعتداء على حقوقهم، أو حسد وحقد عليهم، لأن النفس في هذه الحالات تضطرب وتفقد استقرارها وتصبح عرضة لأي مرض أو آفة بعد ذلك.

- التأمل في المال الذي يكتسبه ويعيش منه، ويصرفه على أهل بيته، لأن من ثمرات المال الحلال أن الله تعالى يبارك فيه وفيمن يصرف عليهم، وأما المال الحرام والمشبوه فإنه يسبب لصاحبه المصائب المتتالية، فضلاً عن أنه سحت كما قال عنه النبي ﷺ.

2- القيام بعملية التصحيح للأخطاء بعد التأمل في الحال، وتقويم ما كان معوجًا من الأعمال، وإرجاع الحقوق إلى أصحابها إن كان هناك ظلم أو اعتداء، ثم التوبة إلى الله تعالى عما اقترف في جنبه من الذنوب والمعاصي، وهي بوابة الخروج من مأزقه ومرضه بإذن الله تعالى.

3- أن يبدأ هو برقية نفسه، وهو الأولى في الشرع، إلا أن يمنعه مانع أو عذر، تقول عائشة رضي الله عنها: «رخص النبي ﷺ الرقية من كل ذي حمة»(2). وهذا يعني أن الأصل أن يرقى الإنسان على نفسه، كما كان يفعله النبي ﷺ.

4- التوكل على الله تعالى في جميع الشؤون والأحوال، لأنه الأصل في الخروج من الأمراض والأوجاع، وما سواه من الرقى وغيرها إنما هي أسباب تكمّل مفهوم التوكل الصحيح، لأن الله تعالى يقول: {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}(3).

5-الحفاظ على الوقت واستثماره في الأمور النافعة التي حث عليها الشرع، من عبادات وطاعات، وكذلك استغلاله في العمل الإيجابي في أمور الدنيا كالسعي من أجل التحصيل العلمي والمعرفي، والإتقان في العمل والإبداع فيه وتطويره، ورفع مستوى الإنتاج وغير ذلك من الأعمال الصالحة، لأنها جميعًا من العوامل التي تُبعد المريض عن مداخل الشيطان وتعجّل في شفائه وردّ العافية إليه.

6– اختيار الراقي المناسب الذي يشهد له أهل العلم والصلاح، والتعامل معه بصورة إيجابية، وعدم إخفاء الحقائق عنه، من الأحداث والأحوال التي تحيط به، حتى يتمكن من رقيته بشكل صحيح ومن ثم اختصار الطريق عليه إلى الشفاء والمعافاة بإذن الله تعالى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سبق تخريجه.

(2) سبق تخريجه.

(3) [الطلاق: 3]



بحث عن بحث