قواعد وأصول وآداب في الرقية (1-2)

من أجل أن تكون الرقية شرعية وصحيحة، لا بد لها من أصول وقواعد وآداب ترتكز عليها، وتكون منطلقًا قويمًا لها، سواء من الراقي أو المريض، ومن أهم هذه الأصول:

1- التقوى والصلاح من قبل الراقي والمرقي، من حيث المحافظة على أداء الفرائض والواجبات في أوقاتها وأدائها وفق ما يريده الله ورسوله ﷺ، وكذلك تقديم الأعمال الصالحة بين يدي الله تعالى مثل برّ الوالدين والإحسان إليهما، وقضاء حوائج الناس، والدعوة إلى دين الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من الأعمال التي تدل صلاح الإنسان وقربه من الله تعالى.

2- استشعار عظمة القرآن الكريم وتأثيره على النفس، وأن فيه الشفاء من الأمراض جميعًا، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}(1).

3- معرفة أن المرض ابتلاء من الله تعالى كسائر الابتلاءات الأخرى التي هي من سنن الحياة، يقول الله تعالى: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}(2)، سواء كان هذا المرض نفسيًا أو عضويًا، فإنه مما يصيب الناس جميعًا بصورة متفاوتة من حيث تأثيره ونوعه، فالتعامل مع المرض على هذا الأساس منطلق متين في التعامل معه بمنهج صحيح بعد ذلك.

4- معرفة أن الذي أوجد المرض هو الله تعالى، وأن الذي يشفي ويعيد العافية إلى المريض هو الله تعالى، يقول جل وعلا على لسان إبراهيم عليه السلام: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}(3). فليس لأحد في الأمر تأثير أو قوة، ويجب على الراقي أن يبيّن هذه الحقيقة للمرضى الذين يقرأ عليهم، لأن غير هذا الاعتقاد يؤدي إلى زيادة المرض وعدم الشفاء منه.

5- القراءة بالقرآن وما ورد في السنة النبوية من الأذكار والأدعية، والبعد عما يخالف ذلك من القراءة بكلام غير مفهوم أو كتابة الطلاسم أو التوسلات الشركية وغيرها من الأقوال والأفعال التي توجب سخط الله تعالى وتطيل من أجل المرض وتضاعفه.

6- اعتقاد أن القرآن شفاء من كل الأمراض وأنه سبب من الأسباب، لا من باب التجريب فحسب، بل من باب اليقين المطلق، ولا يمنع هذا الاستفادة من الأسباب الأخرى، كمراجعة الأطباء المختصين وتناول الأدوية والعلاجات الطبية، لقوله ﷺ: «يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء«(4).

7- التعبد بسماع القرآن الكريم، والتدبر في آياته واستشعار عظمة الله تعالى من خلالها، وكذلك التأمل ما جاء في القرآن من القصص والعبر للأمم السابقة، ومعرفة أحوال الأنبياء والرسل الذين قضوا أعمارهم في الدعوة والجهاد، وما لاقوه في سبيل الله من الأذى والقتل والإعراض، بل إن بعضهم ابتلي إضافة إلى ذلك بأمراض وأسقام كحال أيوب عليه السلام وكيفية تعامله، مع المرض طويلاً، وغيرها من المعالم والأحداث والتوجيه والإرشاد في كتاب الله تعالى التي من شأنها أن تعين المريض على مرضه، وتجعل نفسه مطمئنة إلى ما قدّر له الله تعالى، فيزيده صبرًا وثباتًا في الدنيا وأجرًا وقربًا في الآخرة.

8- استشعار المريض أجر المرض، الذي هو ابتلاء من الله تعالى، يقول عليه الصلاة والسلام: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط« (5).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [يونس: 57]

(2) [الأنبياء: 35]

(3) [الشعراء: 80]

(4) سبق تخريجه.

(5) أخرجه الترمذي (ص546، رقم 2396) كتاب الزهد، باب الصبر على البلاء. وابن ماجه (ص582، رقم 4031) كتاب الفتن، باب الصبر على البلاء.



بحث عن بحث