سابعًا: الخلافات الزوجية

إن الخلافات الزوجية بين الأبوين بصورة دائمة من الأسباب الكبيرة لانتشار الأمراض النفسية في المجتمعات، لا سيما عند أفراد الأسر التي تكثر فيها هذه المشكلات والخلافات.

فمن أهم الآثار المترتبة على الأسرة نتيجة المشكلات الزوجية:

1- اضطراب شخصية الطفل وعدم استقرارها في ظل الخلافات بين الأبوين، لأنه يعيش بين المتناقضات مع أبويه، فالأب يسير في اتجاه معاكس لاتجاه الأم، والجدال والشجار ديدن الطرفين، الأمر الذي يدخل الطفل في تيه نفسي وضياع في السلوك والتعامل.

2- إن المشكلات الزوجية سبب لهروب أفرادها من البيت وقضاء الأوقات الطويلة خارج البيت والذي يعرضهم للوقوع في شراك أصدقاء السوء والمخدرات وغيرها.

3- إن الخلافات الزوجية المستمرة تؤدي إلى تشويه صورة الأبوين عند الأبناء وتجنب الاقتداء بهما، الأمر الذي يعكس بعد ذلك على سلوكهم في اختيار قدوات أخرى عبر الفضائيات والانترنت، أو التعلق بالمغريات والفواحش التي تؤدي في معظم الحالات إلى الجريمة والسجون.

4- إن المشكلات الزوجية تكوّن لدى الأبناء الانطوائية والانعزالية، وهي من الأبواب الواسعة التي يلج منها الشيطان إلى النفس ويعرضها إلى الأمراض المختلفة.

علاج المشكلات الزوجية:

يتم علاج هذه المشكلات من خلال الوقاية من أسبابها، والعمل على على إزالتها حين وقوعها عبر الخطوات الآتية:

1- قيام كل من الزوجين بمهمته الواجبة داخل البيت قدر الإمكان، والسعي نحو الأفضل عند وجود تقصير أو إهمال.

2- معرفة كل من الزوجين حقوق الآخر وأدائها بمحبة وطيب نفس.

3- مناقشة الأمور المختلف فيها بمعزل عن الأطفال، حتى لا تضطرب حالتهم النفسية.

4- عدم إفشاء الأسرار خارج البيت، لأنه يفتح الباب لمداخلات الناس بينهم بصورة سلبية كتحريض طرف على آخر، مما يزيد من الأزمة والمشكلة داخل البيت.

5- التعاون فيما بينهما من أجل بناء الأسرة وتربية الأبناء على أسس سليمة، لأن كل من الزوجين مسؤول عن الأسرة، لقوله ﷺ: «كلكم راع وكلكهم مسؤول عن رعيته: الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها«(1).

6- التشاور والتناصح فيما بينهما في الأمور التي تهم الأسرة في الجوانب المختلفة، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}(2)، ويقول عليه الصلاة والسلام: «أمّروا النساء في بناتهن»(3) أي شاورهن في زواج بناتهن.

7- أن يعذر كل منهما الآخر على تقصيره، ويتذكر كل منهما محاسن الآخر، لقوله ﷺ: «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلقًا رضي منها آخر»(4).

8- عمل كل شيء من شأنه أن يعمّق المودة والمحبة بينهما، كالتحبب بالكلام اللطيف والدعاء وتقديم الهدايا وغيرها.

9- تجنب الغضب والانفعال عند حدوث خلاف أو ظهور مشكلة، لأنه من مداخل الشيطان عليهم، لقوله ﷺ: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم»(5).

10- الصبر على الظروف الصعبة التي تمر بها بعض الأسر، والتي تكون سببًا الخلافات الزوجية، كالفقر وضيق الحال، وقد أمر الله تعالى بالصبر في الأمور كلها ورتّب عليه أجرًا عظيمًا فقال: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}(6). ويقول عليه الصلاة والسلام: «ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها، إلا أخلف الله له خيرًا منها»(7).

11– البعد عن الغيرة المذمومة من الطرفين، وإبدالها بحسن الظن بينهما، حتى تدوم الألفة وتزداد عرى المحبة بينهما، لأن الشك والغيرة الزائدة يسبب المشكلات الكثيرة بين الطرفين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه البخاري (ص143-144، رقم 893) كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن. ومسلم (ص820، رقم 1820) كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل.

(2) [الشورى: 38]

(3) أخرجه أبوداود (ص303، رقم 297) كتاب النكاح، باب في الاستئمار. وأحمد (2/34، رقم 4905). ورجاله ثقات غير رجل مبهم حدث عنه إسماعيل بن أمية ووثقه فقال: حدثني الثقة عن ابن عمر.

(4) أخرجه مسلم (ص626، رقم 3645) كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء.

(5) سبق   تخريجه.

(6) [الزمر: 10]

(7) أخرجه مسلم (ص369، رقم 2126) كتاب الجنائز، باب ما يقال عند المصيبة.



بحث عن بحث