خامسًا: الظلم

هو وضع الشيء في غير موضعه، وتجاوز حدود الحرية المباحة، سواء ما يتعلق بحقوق الله تعالى أو حقوق العباد.

لذا أخبر الله تعالى أن أعظم أنواع الظلم هو الشرك بالله كما قال على لسان لقمان: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}(1).

كما أن فيه اعتداء على العباد في أبدانهم أو أعراضهم أو أموالهم، أو السخرية بهم، وغيرها من الممارسات المحرمة التي تتعلق بحقوق العباد، يقول عليه الصلاة والسلام: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره«(2).

ومصدر الظلم هو الشيطان ومقرّه النفس الأمارة بالسوء، وأسبابه الحسد والبغض والغرور، من المحرمات التي رتّب الله عليها العذاب الأليم فقال جل شأنه: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(3)، وقال جل وعلا: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ}(4).

وفي الحديث القدسي: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا«(5).

آثار الظلم وتبعاته:

1- للظلم أثر كبير في حدوث الأمراض النفسية لدى المظلوم الذي يعتدى على حقه وكرامته وإنسانيته وماله ولا يستطيع أن يفعل شيئًا، فيعيش في حالة نفسية صعبة، وربما تراكَمت لديه الأزمات نتيجة الظلم فلا يجد سبيلاً إلا الانتقام والثأر وقد يكون شديدًا أحيانًا كالقتل مثلاً، أو أنه يلجأ إلى الانتحار للخروج من معاناته النفسية نتيجة القهر والظلم الواقع عليه.

2- عقوبة الله تعالى لاحقة بالظالم لا محال، عن أبي موسى رضي الله عنه مرفوعًا: «إن الله عز وجل يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته ثم قرأ: {َوكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}(6)»(7)فهذه العقوبة ربما تكون في الدنيا قبل الآخرة.

3- إن الظلم من الأسباب المباشرة لتفشي النفاق بين الناس، فتكثر المجاملات الكاذبة والمظاهر الخداعة، والكلمات المنمقة، من أجل إرضاء الظالم وتفادي شره وظلمه.

4- إن الظلم يحدث الأحقاد والضغائن بين الناس، ويزيد من الفتن والتقاتل بينهم، لأن المظلوم يفكر دائمًا في الانتقام والثأر لظلمه، ومتى وجد الفرصة لذلك فإنه لن يتوانى عن فعل أية مخالفة أو جريمة من أجل إشفاء غليله وردّ الاعتبار لنفسه.

5- إن من تبعات الظلم أنه يجلب لصاحبه المصائب والأمراض والنوازل في الدنيا، لا سيما إذا كان لجأ المظلوم إلى الله تعالى وقدّم بين يديه مظلمته وطلب منه نصره وتأييده، لقوله عليه الصلاة والسلام: «واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب»(8).

ألا فليرجع كل ظالم إلى ربه، ويندم على ظلمه للناس، ويرد إليهم حقوقهم، ويتوب إلى الله تعالى ويتوعد بين يديه بالإقلاع عن الظلم وتجنب أسبابه، قبل أن يعجله الأجل ثم يندم يوم لا ينفع فيه الندم، يقول الله تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا}(9).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [لقمان: 13]

(2) أخرجه مسلم (ص1124، رقم 6541) كتاب البر والصلة، باب تحريم ظلم المسلم.

(3) [الشورى: 42]

(4) [الأنبياء: 11]

(5) أخرجه مسلم (ص1128، رقم 2577) كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم.

(6) [هود: 102]

(7)  أخرجه مسلم (ص1130، رقم 2583) كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم.

(8) أخرجه مسلم (ص31، رقم 19) كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين.

(9) [النساء: 110]



بحث عن بحث