آثار العمل الإيجابي على النفس والمجتمع (4-7)

رابعًا: العمل الإيجابي يعالج الفقر ويقلل منه:

لقد حرص الإسلام على إقامة بعض الأعمال الإيجابية في حياة الناس من أجل تفادي الفقر والحدّ منه ومعالجته وفق الآتي:

1-أمر الله تعالى عباده بالعمل المشروع والسعي في الأرض طلبًا للرزق، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}(1).

وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده». رواه البخاري، وقال: «لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير من أن يسأل أحدًا فيعطيه أو يمنعه»(2).

فالعمل المشروع والسعي في الأرض من أجل الحصول على الرزق، سلوك إيجابي وحضاري، وإن كان هذا العمل مجهدًا ومتعبًا في كثير من الأحيان، إلا أنه أفضل عند الله تعالى من الركون إلى الكسل والنظر إلى ما في أيدي الناس.

2- فرض الله تعالى على عباده الزكاة، فقال: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}(3)، كما حثّهم على الصدقة والإحسان إلى المحتاجين، ونهى عن الشح والبخل، فقال: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ . وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ . وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ . وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ}(4).

وقال عليه الصلاة والسلام: «من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له»(5).

وهذه خطوات أخرى تساند الخطوة الأولى من أجل تفادي الفقر أو الحدّ منه، لأن الإنسان قد يعمل ويجهد ولكنه لم يستطع إيفاء حاجات الحياة الضرورية لنفسه ولأسرته، ففرض الله الزكاة وحثّ على الإنفاق والصدقة ليخفف عن إخوته ثقل المسؤولية المالية.

3- نهى الشرع عن المسألة واتخاذها حرفة لحاجة أو لغير حاجة، قال عليه الصلاة والسلام: «لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس في وجهه مزعة لحم»(6). وقال أيضًا: «اليد العليا خير من اليد السفلى. واليد العليا هي المنفقة، والسفلى هي السائلة»(7).

والانتهاء عن هذا السلوك السلبي – حسب مفهوم المخالفة – يعدّ عملاً إيجابيًا، لأنه عزّة للنفس وحصانة لها، إضافة إلى إعطاء صورة راقية للمجتمع والأمة.

فهذه الوسائل الثلاث كفيلة للحدّ من امتداد الفقر إلى المجتمع والتقليل منه، أو معالجته إذا ظهر بين بعض الفئات بصورة سريعة وعاجلة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [الملك: 15]

(2) أخرجه البخاري (ص381، رقم 2374) كتاب المساقاة، باب الحطب والكلأ.

(3) [البقرة: 110]

(4) [الليل: 5-10]

(5) أخرجه مسلم (ص767، رقم 1728) كتاب اللقطة، باب استحباب المواساة بفضول المال.

(6) أخرجه البخاري (ص239، رقم 1474) كتاب الزكاة، باب من سأل الناس تكثرًا. ومسلم (ص418، رقم 1040) كتاب الزكاة، باب كراهة المسألة للناس.

(7) أخرجه البخاري (ص231، رقم 1429) كتاب الزكاة، باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى. ومسلم (ص413، رقم 1033) كتاب الزكاة، باب بيان أن اليد العليا خير من السفلى.



بحث عن بحث