برّ الوالدين في قصص الأنبياء

ذكر القرآن الكريم نماذج وأمثلة عن الأنبياء السابقين عليهم السلام في برّ الوالدين، من التوصية بهم والدعاء والاستغفار لهم، وغير ذلك من ضروب البرّ والإحسان الكثيرة، ومن تلك النماذج:

- خصّ نوح عليه السلام والديه بالدعاء: كما في قوله تعالى على لسانه:{رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا}(1).

- كلام عيسى عليه السلام الذي يشير إلى برّ الوالدين بقوله: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا}(2).

- أخبر الله تعالى عن برّ يحيى عليه السلام بوالديه، فقال: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا}(3).

- أما خليل الله إبراهيم عليه السلام فجاءت القصص القرآني حول برّه عليه السلام بوالده ومحاولاته الحثيثة لهدايته وإخراجه من أدران الشرك إلى نور الإيمان، يقول الله تبارك وتعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا . إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا . يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا . يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا . يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا}(4).

- أما حال نبينا محمد ﷺ في البرّ بوالديه، فإنه عليه الصلاة والسلم لم يدركما في بلوغه وإنما كانت فترة الطفولة القصيرة مع أمه فحسب، لكنه عليه الصلاة كان يزور قبرهما، يقول أبو هريرة رضي الله عنه: «زار النبي ﷺ قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال ﷺ: استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت«(5).

وقد ظهر برّه عليه السلام بأمه من الرضاعة، فعن أبي الطفيل رضي الله عنه قال: رأيت النبي ﷺ يقسم لحمًا بالجعرانة، قال أبو الطفيل وأنا يومئذ غلام أحمل عظم الجزور إذ أقبلت امرأة حتى دنت إلى النبي ﷺ فبسط لها رداءه فجلست عليه، فقلت: من هي؟ فقالوا: هذه أمه التي أرضعته(6).

كما كان عليه الصلاة والسلام يصل أباه وأخاه من الرضاعة، يقول عمر بن السائب رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ كان جالسًا يومًا، فأقبل أبوه من الرضاعة، فوضع له بعض ثوبه فقعد عليه، ثم أقبلت أمه فوضع لها شق ثوبه من جانبه الآخر فجلست عليه، ثم أقبل أخوه من الرضاعة، فقام له رسول الله ﷺ فأجلسه بين يديه(7).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [نوح: 28]

(2) [مريم: 32]

(3) [ مريم: 14]

(4) [ مريم: 41-45]

(5) أخرجه مسلم (ص392، رقم 2259) كتاب الجنائر، باب استئذان النبي ﷺ زيارة قبر أمه.

(6) أخرجه أبو داود (ص723، رقم 5144) كتاب الأدب، باب في بر الوالدين.

(7) أخرجه أبو داود (ص723، رقم 5145) كتاب الأدب، باب في بر الوالدين.



بحث عن بحث