آثار الاستغفار وثمراته

7- الاستغفار يزيد النفس بياضًا ونقاءً، لأنه يمحو ما فيها من الذنوب والخطايا التي تسوّد صفحاتها، يقول عليه الصلاة والسلام: «إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستغفر صقل قبله وإن زاد زادت حتى يعلو قلبه وذاك الران الذي ذكر الله عز وجل في القرآن:{كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}(1)»(2).

8- الاستغفارُ يفرّج الهموم ويزيل الكربات، ويدخل في النفس السكينة والاستقرار، ويجعلها مطمئنة وراضية بأمر الله تعالى وقضائه، لقوله عليه الصلاة والسلام: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همّ فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب»(3).

9- الاستغفار يزيد في الرزق ويوسع فيه، ويبارك في الأولاد والبنين، لقوله تعالى:{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}(4).

وقوله عليه الصلاة والسلام: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همّ فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب»(5).

10- الاستغفار يمنح العبد محبة الله تعالى ويزيد من الحب والود بين المؤمنين لقوله ﷺ: «إذا التقي المسلمان فتصافحا وحمدا الله تعالى واستغفرا غفر الله عز وجل لهما»(6).

11- الاستغفار يمنع صاحبه من الانشغال بعيوب الناس، ويصرفه إلى عيوب نفسه وآثامها وزلاتها، فيستغفر لها ويتوب عنها، لأنه يعرف أنه مقبل على يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

12- الاستغفار سبب لمنح القوة والتمكين في الأرض، والتغلب على الأعداء وعدم الرضوخ للمجرمين، لقوله تعالى:{وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ}(7).

*     *     *

وأخيرًا:

فإن الاستغفار من الأذكار التي حثّ عليها الله تعالى في آيات كثيرة، كما حفلت السنة النبوية بكثير من الأحاديث الواردة في وجوب الاستغفار وآثاره الإيجابية على حياة الإنسان وبعد مماته، وهو من سنّة الرسل والأنبياء عليهم السلام، بل كان من الأمور المهمة التي كانوا يدعون أقوامهم إليها، ويدل ذلك على عظم شأن هذا الذكر وأهميته للإنسان.

ومن هنا وفي زحمة الأهواء والشهوات، وفي خضم أمواج الفساد القادمة من كل مكان، وفي ظل الضغوطات النفسية والاجتماعية والاقتصادية، كان لزامًا على المؤمن الإكثار من الاستغفار، وطلب العفو والمغفرة من الله تعالى على ما يصيبه من المعاصي أو الزلات، أو الغفلة عن بعض العبادات، وفي الوقت نفسه يسأله الثبات أمام ما يحيط به من ألوان المغريات والمفسدات.

هذا ؛ وإن الاستغفار لا يخص أناسًا دون آخرين، بل كلهم بحاجة إلى هذا الذكر العظيم للخروج من أزماتهم واستقامة أحوالهم، ابتداء من الحاكم والوزير ومرورًا بالموظف والطبيب والتاجر والمزارع والعامل وانتهاء بالأسرة وما فيها من زوج وزوجة وبنات وبنين، ينبغي على الجميع ملازمة الاستغفار والإكثار منه، لأن رسول الله ﷺ الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كان يستغفر في اليوم مئة مرة، فكيف ونحن البشر المنغمسون في بحور الخطايا والذنوب، وفي أوحال الغفلة والتقصير عن الطاعات وأسباب القرب من الله تعالى؟!!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [المطففين: 14]

(2) أخرجه ابن ماجه (ص618، رقم 4244) كتاب الزهد، باب ذكر الذنوب. والترمذي (ص761، رقم 3334) كتاب التفسير، باب ومن سورة المطففين ولفظه »إن العبد إذا أخطأ خطيئة». وهو حديث حسن.

(3) سبق تخريجه.

(4) [نوح: 10-12]

(5) رواه أبو داود، برقم 1518، ص 224. ورواه أحمد والحاكم.

(6) أخرجه أبو داود (ص731، رقم 5213) كتاب الأدب، باب المصافحة.

(7) [هود: 52]



بحث عن بحث