أخطاء في الدعاء

وأما عن الأخطاء التي يرتكبها بعض الناس في الدعاء فكثيرة ولا يمكن حصرها، ولكن يمكن الإشارة إلى أهمها:

1- التوسلات الشركية: وهي الدعاء إلى غير الله تعالى، من الأحجار والأشجار والأموات والأشخاص والصالحين والجن والشياطين وغيرهم، فإنه شرك بجميع هذه الأشكال، لأن الرسول ﷺ بيّن أن الدعاء هو العبادة، ففعل هؤلاء يعني توجه العبادة لغير الله، وهو الشرك بحقيقته.

2- طلب التعجيل بالعقوبة في الدنيا للنجاة منها يوم القيامة، وهذا خطأ كبير يقع فيه كثير من الناس، فيقول: يا رب إن كنت ستعاقبني أو تعذبني، فعجلّها لي في الدنيا حتى أسلم يوم القيامة وأدخل الجنة، وقد نهى عليه الصلاة والسلام عن هذا الدعاء.

»عن أنس أن رسول الله ﷺ عاد رجلًا من المسلمين قد خَفَتَ فصار مثل الفرخ، فقال له رسول الله ﷺ: هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه؟ قال: نعم، كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجلّه لي في الدنيا، فقال رسول الله ﷺ: سبحان الله، لا تطيقه، أو لا تستطيعه، أفلا قلتَ: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار؟ قال: فدعا الله له فشفاه»(1).

3- الدعاء بما هو مستحيل أو ما هو مخالف للعقل أو بما تعهد الله تعالى بإخفائه في الدنيا: كأن يطلب أحدهم الخلود في الدنيا، أو أن يعمّر ألف سنة، أو يتحول إلى كائن آخر أقوى من البشر، أو يسأل رؤية الله تعالى في الدنيا، وغيرها من الأدعية الممتنعة شرعًا أو عقلاً، فإن ذلك كله خطأ وحرام في بعض الأحيان، لا يجوز الدعاء بها.

4- الدعاء بقطيعة الرحم: لأن الدعاء في الأصل عبادة لله تعالى، ومسألة لتحقيق منفعة ودرء مفسدة، وقطع الأرحام من المفاسد الكبيرة التي نهى عنها الشارع في الكتاب والسنة، فلا يمكن أن يجتمع هذا الدعاء مع حقيقة الدعاء، يقول عليه الصلاة والسلام: «لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم»(2).

5- الدعاء على الأولاد: وهو من الأخطاء التي تتكرر بين الناس ولا يبالون بها، في لحظات الغضب والانفعال، لا سيما وأن دعاء الوالدين مستجابة، لقوله ﷺ: «ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده»(3). فاستجابة الدعوة متوقعة في أية لحظة، وبعدها لا ينفع الندم.

6- الدعاء الغامض وغير المفهوم: قد يرافق الدعاء غفلة القلب وتشرد الفكر، فلا يعلم صاحبه ماذا يريد ومَنْ يسأل، وقد يسهو ويقول في حق الله تعالى ما لا يليق به، لذا أمر الله تعالى بحضور القلب ووضوح الكلام أثناء الدعاء فقال:{وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ}(4).

7- تحجير الدعاء: يعني الأنانية في الدعاء، وهي من الأخطاء المنهى عنها في الدعاء، كأن يقول أحدهم: اللهم اهدني وحدي، أو اشفني وحدي. وهذا غير جائز لأن رحمة الله تعالى وسعت كل شيء فلا يمكن تحجيرها على شخص دون آخر، يقول تبارك وتعالى:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}(5).وجاء في الصحيح أن أعرابيًا قال: اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا، فقال له عليه الصلاة والسلام: «لقد حجّرتَ واسعًا»(6).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه مسلم (ص117، رقم 2688) كتاب الذكر والدعاء، باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة.

(2) أخرجه مسلم (ص1186، رقم 2735) كتاب الذكر، باب أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل.

(3) سبق تخريجه.

(4) [الأعراف: 205]

(5) [الأعراف: 156]

(6) أخرجه البخاري (ص1051، ررقم 6010) كتاب الآداب، باب رحمة الناس والبهائم.



بحث عن بحث