آداب الدعاء

10- تحري الأوقات والأزمان:

الأفضل في الدعاء أن يتحرى العبد الأوقات والأماكن المفضلة للدعاء، والتي جاء ذكرها في كتاب الله وسنة نبيه ﷺ، ونذكر بعضًا منها:

- جوف الليل، لقوله تعالى:{قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا}(1)، ثم يذكر الله تعالى فضل آخر الليل من حيث أثر العبادة والدعاء والقرآن على النفس فيقول:{إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا}(2)، حيث يَعمّ الهدوء والسكينة الأجواء، فتصفى النفس ويرقّ القلب، ويبدأ العبد بمناجاة ربه ويضع بين يديه حاله من ضعف وخطيئة ومصيبة.

وأثناء هذا الصفاء الكوني والإنساني ينزل الله تبارك وتعالى نزولاً يليق بجلاله وعظمته، ليجيب دعوة عباده وينزل عليهم عفوه ورحمته، يقول عليه الصلاة والسلام: «إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول هل من سائل يعطى هل من داع يستجاب له هل من مستغفر يغفر له حتى ينفجر الصبح«(3).

ويقول عليه الصلاة والسلام: «في الليل ساعة لا يسأل الله فيها عبد مسلم شيئًا إلا أعطاه الله وذلك كل ليلة«(4).

وقد سئل النبي ﷺ: أي الدعاء أسمع؟ قال: «جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات«(5).

- بين الأذان والإقامة: وهي فترة زمنية مباركة حين يلبي العباد دعوة الله تعالى للصلاة والفلاح، إلى أن يحين وقت إقامة الصلاة، فقد جعل الله تعالى هذا الوقت مباركًا لأنه بداية الدخول عليه والوقوف بين يديه، حيث تكون الإجابة أقرب من غيره من الأوقات، يقول عليه الصلاة والسلام: «الدعاء لا يُرد بين الأذان والإقامة، فادعوا«(6).

- أثناء الصلاة وبعدها: فقد ثبت عن النبي ﷺ الدعاء أثناء الصلاة بعد تكبير الإحرام وقبل الفاتحة وفي الركوع وعند الاعتدال من الركوع وفي السجود وبعد التشهد الأخير، وكلها مواطن يستحب فيها الدعاء، فضلاً عن دعاء القنوت عند البلاء والنوازل، فمن دعائه صلى الله عليه بعد الاعتدال من الركوع: «سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، اللهم طهرني بالثلج والماء والبرد. اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما يُنقّى الثوب الأبيض من الوسخ«(7).

كما ثبت عنه ﷺ الدعاء في السجود أثناء الصلاة فقال: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء«(8).

وأما بعد الصلاة وآخر الصلاة بعد التشهد الأخير، فللحديث السابق ذكره عن أسمع الدعاء: «جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات«(9).

ويقول معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ أخذ بيده وقال: «يا معاذ والله إني لأحبك، فقال: أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك«(10).

- في يوم الجمعة: لقوله ﷺ: «في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله خيرًا إلا أعطاه«(11).

- أثناء الوقوف بعرفة: ولعرفة فضل زماني ليومه، ومكاني لموقعه، وهو محل استجابة الدعاء لهذين الفضلين، يقول عليه الصلاة والسلام: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير«(12).

- الدعاء عند النداء وعند نزول المطر: لقوله ﷺ: «ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء، وتحت المطر«(13).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [المزمل: 2]

(2) [المزمل: 6]

(3) أخرجه مسلم (ص307، رقم 758) كتاب صلاة المسافرين، باب الترغيب في الدعاء.

(4) أخرجه مسلم في المرجع السابق (رقم 757).

(5) أخرجه الترمذي (ص798، رقم 3499) كتاب الدعوات، باب ينزل ربنا كل ليلة. وهو حديث صحيح.

(6) أخرجه الترمذي (ص59، رقم 212) كتاب الصلاة، باب أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة. وأحمد (3/155، رقم 12606). وابن حبان (4/94، رقم 1696). وهو حديث صحيح.

(7) أخرجه مسلم (ص198، رقم 476) كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه في الركوع.

(8) أخرجه مسلم (ص199، رقم 482) كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع.

(9) سبق تخريجه.

(10) أخرجه أبو داود (ص225، رقم 1522) كتاب الوتر، باب في الاستغفار. والترمذي (ص777، رقم 3407) كتاب الدعوات، باب منه (دعاء: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر).

(11) أخرجه البخاري (ص150، رقم 935) كتاب الجمعة، باب الساعة التي في يوم الجمعة. ومسلم (ص342، رقم 852) كتاب الجمعة، باب الساعة التي في يوم الجمعة.

(12) أخرجه الترمذي (ص817، رقم 3585) كتاب الدعوات، باب دعاء يوم عرفة.

(13) أخرجه أبو داود (ص368، رقم 2542) كتاب الجهاد، باب الدعاء عند اللقاء. والحاكم (2/124، رقم 2534)، ولفظ أبي داود: »عند النداء وعند البأس».

 



بحث عن بحث