آثار القرآن الكريم على النفس والمجتمع

سابعًا: القرآن الكريم يعالج مشكلة الفقر والبطالة

ويمكن توضيح هذا الأمر من خلال النقاط الآتية:

-أن القرآن الكريم أمر الإنسان بالسعي في الأرض والعمل من أجل الرزق والمعيشة حتى لا يكون عبئًا على الآخرين، فقال تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}(1)، كما قال جل وعلا:{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}(2).

-أمر القرآن الكريم بدفع الزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام، لأنها تغطي جزءًا كبيرًا من الفراغ المالي لدى بعض الناس، يقول تبارك وتعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}(3)، ويقول أيضًا:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}(4).

-حث القرآن الكريم على الصدقة والإنفاق في سبيل الله من غير مال الزكاة، وأثنى على الفعل وأهله، قال تعالى:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ .  وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ}(5)، كما ذمّ بالمقابل من يبخل عن الإنفاق في سبيل الله وآثر البخل والأنانية، فقال تعالى:{وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ . وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ}(6)

*     *     *

ثامنًا: القرآن الكريم يعالج الأمراض النفسية:

بما أن القرآن الكريم شفاء للمؤمنين فإنه بهذا المعنى يعالج جميع الآفات النفسية التي تعود بالمفاسد والأضرار على صاحبها وعلى المجتمع، ومن أهم الآفات التي عالجها القرآن وحذّر الناس منها:

-آفة الكبر، وهي الاستعلاء على الناس والنظر إليهم نظرة دونية، فحرّم القرآن هذا المرض النفسي وجعله من الكبائر التي يعاقب عليها صاحبها، لأن الكبرياء لله وحده فلا ينازعه فيها أحد، يقول تبارك وتعالى على لسان لقمان لابنه:{وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}(7).

-آفة الحسد، وذلك من خلال إرساء دعائم الإخوة بين المؤمنين لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}(8)، فالأخ لا يجوز له أن يحمل نحو أخيه حسدًا أو حقدًا أو كرهًا، لأن هذه الصفات خاصة بالمنافقين دون المؤمنين الذين يتميزون بصفاء القلب وطهارة النفس نحو إخوانهم في العقيدة، حيث قال عنهم الله تعالى:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}(9).

-آفة الرياء، الذي هو عكس الإخلاص، وهي العمل من أجل الشهرة أو المال أو الجاه أو أية منفعة دنيوية أخرى، ولها آثار خطيرة على الإنسان، لأنها القاعدة التي ينطلق منها في رحلة الحياة، وقد عالجها القرآن الكريم من خلال التحذير الشديد منها والعاقبة الوخيمة لصاحبها، وجعلها من صفات المنافقين، يقول تبارك وتعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا}(10). وكذا الحال بالنسبة لجميع الآفات النفسية الأخرى.

والخلاصة: أن القرآن الكريم يطهر النفس من جميع الشوائب فيخلصها من هذه الأدواء، ويصفيها، فتبقى مطمئنة مرتاحة تعيش في كنف آياته بعيدة عن القلق والاضطراب والشكوك والوساوس والأوهام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [الملك: 15]

(2) [القصص: 77]

(3) [البقرة: 43]

(4) [البقرة: 110]

(5) [الليل: 5-7]

(6) [الليل: 8-10]

(7) [ لقمان: 18]

(8) [الحجرات: 10]

(9) [الحشر: 10]

(10) [النساء: 142]



بحث عن بحث