آثار الصلاة

8- وأما آثار الصلاة على المؤمن من الناحية النفسية فيمكن إجمالها فيما يلي:

أ-  إن الصلاة تجلب للنفس راحة وطمأنينة في كل أحوالها، لا سيما في النوازل والمصائب التي قد تعتري المؤمن، وهو ما عبّر عنه رسول الله ﷺ عندما يحين وقتها بقوله لبلال رضي الله عنه: «قم يا بلال فأرحنا بالصلاة»(1)، وقوله ﷺ: «وجعلت قرة عيني في الصلاة»(2)، فهي الملاذ الذي ترنو إليه النفس دائمًا، ليذهب عنها الضيق والحرج وتحل الراحة والسكينة، فحين يكبر المصلي تكبيرة الإحرام فكأنما ألقى بالدنيا وما فيها من تعب وكدر إلى الوراء، وبدأ يستقبل نوعًا آخر من المشاعر والأحاسيس التي يفتقدها قبل الدخول في هذا المقام السامي مع ربه سبحانه وتعالى.

ب- تعد الصلاة من أهم الأسباب التي تزيل عن المؤمن القلق النفسي الناجم عن مؤثرات الحياة، فهو في صلاته يشعر عظمة خالقه حين يركع له ويسجد له بقلبه وجوارحه، فتصغر في نفسه مسببات ذلك القلق وتوابعه، لأنه يحس أن هذه النفس قد خرجت من ضيق الدنيا إلى سعة رحمة الله وعظمته التي تخشع له كل الخلائق وتسجد له طوعًا وكرهًا.

ج- الصلاة تبعد التوتر عن نفس المؤمن، بسبب تغيير الحركة المستمرة فيها، من قيام وركوع وسجود وقعود وتحريك للسواعد وغيرها، فمثل هذه الحركات وهذه التغيرات يحدث استرخاء فسيولوجيًا مهمًا في الجسم، وهذا ما يهدأ من روع الإنسان المنفعل أو المتشنج، ويحافظ على توازنه النفسي، وقد وصى الرسول ﷺ المؤمن الغاضب أو المتوتر بالجلوس إلى الأرض ليخف عنه غضبه وتوتره، يقول عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم أما رأيتم إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه فمن أحس بشيء فليلصق بالأرض«(3).

ولعل ما نجده لدى بعض الشعوب عادة السجود ووضع الرأس على الأرض عند الإرهاق أو الضيق أو الاكتئاب لها أصل من هذه الحقيقة، كما هي الحال عند اليابانيين، إلا أنهم يدرجونها ضمن التمارين الرياضية أو المعالجات النفسية، مثل اليوغا وغيرها. ونحن أغنانا الله تعالى بالصلاة، فنؤديها بخشوع ورغب ورهب.

د – الصلاة تدفع عن المؤمن همزات الشياطين ولمزاتهم، في كل أحواله، حيث تدربه على الشكر في السراء، وعلى الصبر في الضراء، يقول تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}(4)، ويقول جل شأنه في آية أخرى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(5).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سبق تخريجه.

(2) أخرجه النسائي (ص469، رقم 3392) كتاب عشرة النساء، باب حب النساء. وأحمد (3/128، رقم 12315). والحديث صحيح.

(3) أخرجه الترمذي (ص504، رقم 2191) كتاب الفتن، باب ما أخبر به النبي ﷺ. وأحمد (3/19، رقم 11159). والحاكم (4/506، رقم 8543). قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.

(4) [البقرة: 153]

(5) [الأعراف: 200]



بحث عن بحث