الرسول القدوة

لقد مرّ النبي عليه الصلاة والسلام في حياته الدعوية خلال ثلاث وعشرين سنة بمعالم كثيرة من السرّاء والضراء، وكان عليه الصلاة والسلام المثل الأعلى في العبودية لله تعالى مع تلك المعالم التي من أهمها:

- فَقَد النبي ﷺ زوجته خديجة رضي الله عنها التي كانت حضنًا دافئًا وسَكَنًا مريحًا له عليه الصلاة والسلام منذ بداية الوحي إلى أن توفاه الله، كما توفي في السنة نفسها عمه أبو طالب الذي ذبّ عن النبي ﷺ بكل قوة ودافع عنه في مواطن كثيرة، بل إن هاتين المصيبتين تزامنت مع الحصار الذي فرض عليهم في الشِّعب، فكانت مصائب متراكمة وشديدة على رسول الله ﷺ، فكان الصبر والرضى زاده وسلاحه في مواجهة هذه المحنة.

- لقد أوذي عليه الصلاة والسلام من قومه إيذاء شديدًا، حيث اتُّهم بالجنون والسحر، ورمي بالحجارة من صبيان بني ثقيف، وشُجّ رأسه وكسرت رباعيته، كل ذلك في سبيل الدعوة إلى الله، لكنه كان صابرًا عابدًا لله تعالى لأنه عَرف أن طريق الجنة محفوفة بالمكاره والأشواك، لقوله تعالى:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}(1).

- هاجر عليه الصلاة والسلام في سبيل الله فارًّا بدينه وعقيدته مع الصحابة رضوان الله عليهم، وقد تركوا خلفهم الأهل والديار، كل ذلك من منطلق تعبدي، وتنفيذًا لأمر الله تعالى بالهجرة، وقد رضي الله عنهم بعد ذلك وقال فيهم: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}(2).

- كان عليه الصلاة والسلام شاكرًا لأنعم الله عليه، فقد ثبت في الصحيح أنه قام حتى تفطرت قدماه، فقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدًا شكورًا«

- وكان ﷺ ينفق في سبيل الله ولا يخش فقرًا، يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: ما سُئل رسولُ الله ﷺ على الإسلام شيئاً إلا أعطاهُ، ولقد جاءه رجلٌ، فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا، فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر(3).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [البقرة: 214]

(2) [التوبة: 100]

(3) أخرجه مسلم (ص1021، رقم 2312) كتاب الفضائل، باب ما سئل رسول الله ﷺ من شيء قط فقال: لا.



بحث عن بحث