كيف تتحقق عبودية السراء؟

6- الزواج والأسرة:

تتمثل عبودية الله تعالى من خلال تكوين الأسرة الصالحة من خلال اختيار كل من الزوجين على أساس الدين والأخلاق، ثم القيام بواجب التربية القويمة نحو الأبناء والبنات، في المحافظة على الفروض والواجبات وغرس حب الله ورسوله ﷺ في نفوسهم، والبعد عن المعاصي والمنكرات، والبعد عن ظلم الناس والاعتداء على حقوقهم، والوقوف على مصالحهم وقضاء حوائجهم، وكل امتثال لقول الله تعالى للآباء وأولياء الأمور: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}(1).

والإهمال في هذا النوع من العبودية يعرّض الأسرة إلى التفكك والضياع، ويهدد مستقبل الأبناء والبنات في الدنيا قبل الآخرة، لأن شراك الصحبة السيئة سيلاحقهم حتى يقعوا في مفاسده وأوحاله، لذا؛ حرص الشرع على تحقيق هذه العبودية حين ألزم كل فرد من أفراد الأسرة بمسؤولياته وواجباته، يقول عليه الصلاة والسلام: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته»(2).

7- طلب العلم والتحصيل العلمي:

للعلم وأهله شأن عظيم ومنزلة عالية عند الله تعالى، لأن العلم هو سبيل لمعرفة الله، التي هي أساس كل المعارف والعلوم، يقول الله تعالى:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}(3).

ورسالة أهل العلم عظيمة وهادفة، فهم المناهل التي تتدفق بالعلوم والمعارف على الناس، وهم المراجع في الأزمات والنوازل وفي جميع الأحوال، يقول تبارك وتعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}(4).

وبناء على ذلك فلا بد أن تُتوّج هذه الرسالة العظيمة بالعبودية لله تعالى من خلال المعالم الآتية:

أ – السعي في طلب العلم وتحصيله امتثالاً لأمر الله تعالى وتقربًا إليه وطمعًا في جناته، من غير رياء أو مباهاة، يقول عليه الصلاة والسلام: «من تعلّم علمًا مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا لم يجد عَرْفَ الجنة يوم القيامة«(5).

ب – العمل بالعلم الذي يحمله، حتى يعطي الصورة الناصعة عن الدين فلا يحدث عند الناس التناقض والتنافر، والله تعالى يقول: {كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}(6).

ج – الاختلاط مع الناس وعدم الاستعلاء عليهم، لمعرفة مشكلاتهم ومعاناتهم والمستجدات التي تظهر بين الفترة والأخرى.

د – عدم كتمان هذا العلم عن أحد، وتسخيره وبذله فيما ينفع الناس في الدنيا والآخرة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [التحريم: 6]

(2) أخرجه البخاري (ص143-144، رقم 892) كتاب الرق، باب كراهية التطاول على الرق.

(3) [المجادلة: 11]

(4) [النحل: 43]

(5) أخرجه أبو داود (ص525-526، رقم 3664) كتاب العلم، باب في طلب العلم لغير الله تعالى. والترمذي (ص603، رقم 2655) كتاب العلم، باب فيمن طلب العلم لدنيا. وابن ماجه (ص38، رقم 252) المقدمة، باب الانتفاع بالعلم والعمل. وأحمد (2/338، رقم 8438). وهو حديث صحيح.

(6) [الصف: 3]



بحث عن بحث