الإنسان بين الاختيار والإجبار

الإنسان يعيش بين نوعين من الإرادات، الإرادة الإلهية الكبرى وإرادته الصغرى التي تتحرك وفق الإرادة الإلهية، وبذلك يكون الإنسان مسيَّرًا في أعماله التي يقدر عليها، ويحاسب على هذه الأفعال، سواء في الدنيا أو الآخرة، وهي الأعمال التكليفية المنوطة بسن البلوغ والعقل، أما الأمور الأخرى التي هي خارجة عن إرادته وطاقته فلا يحاسب عليها، كتحديد نوعه ولونه وعرقه، وأوصافه الخَلقية، وغيرها من المجالات التي لا إرادة للإنسان فيها.

وبناء على هذا فلا يحق لأحد القول بأن من يعصي الله تعالى أو يكفر به أو يظلم أو يسرق، إنما هو قدر الله عليه، بل إن ذلك كله يدخل ضمن إرادته واختياره الذاتي الذي يحاسب عليه، لأنه يمكن أن يتجنب ذلك ويسلك سبيل الهدى والإيمان، بعد أن بيّنه الله لعباده، وقد أورد الله تعالى آيات عن أولئك القوم بقوله: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ}(1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [الأنعام: 148]



بحث عن بحث